الجبناء وحدهم لا يغضبون

التصنيف : آراء حرة (:::)
تميم منصور – فلسطين المحجتلة (:::)
قال علي بن ابي طالب ” من استغضب ولم يغضب فهو جبان ” هذا القول ينطبق على سيادة الرئيس محمود عباس وسلطته الخائرة المترهلة ، فلو كان العدوان الاسرائيلي الهمجي الوحشي الاخير على غزة قد اغضبه كمواطن فلسطيني وقائد سياسي لما عاد الى نهج وسياسة  التخبط كالناقة العشواء ، لو اغضبه حقيقة لما عاد من جديد يلهث وراء سراب المشاريع التفاوضية التي تدخل وتخرج من البوابة الامريكية وحلفائها العرب في الشرق الاوسط .
اعتقدنا بأن العدوان الكارثي المذكور سوف يولد عباساً جديداً وقيادة فتحاوية جديدة تمشياً مع القول بأن النكبات تجلي معادن الشعوب ، لكن النكبة التي سببتها اسرائيل وحكوماتها الفاشية لم تغيّر شيئاً في القيادة الفلسطينية في رام الله ، لم تشد من سواعدها ولم تثنيها عن خياراتها الخاطئة ، فبقي خيار التفاوض الهامشي هدفها ، لم تصل الى قناعة بأن التفاوض السياسي للتخلص من الاحتلال لا يمكن ان يحقق هدفاً من اهدافه دون ان يكون تحت اغطية المقاومة بكل طرقها واساليبها التي شرعتها المواثيق الدولية ، هكذا فعل شعب انغولا والجزائر وثوار امريكا الجنوبية وفيتنام والامثلة كثيرة .
لا احد يرفض التفاوض الذي يسبق التحرر والاستقلال ، لكن يوجد لهذا التفاوض آفاق محددة وثوابت معروفة ، احدى هذه الثوابت ان لا يكون غطاء للتمدد الكولونيالي الاسرائيلي داخل الاراضي المحتلة ،وان لا يكون ستاراً لما يسمى بالتنسيق الامني بين الاحتلال وضحايا هذا الاحتلال ،العدوان الوحشي الاخير لم يثن عباس عن موقفه المخجل من دعم هذا التنسيق وسبق وان اعتبره مقدساً .
لقد وضع الفلسطينيون كافة رؤوسهم في رمال الحيرة والتساؤلات عندما عرض التلفزيون الأسرائيلي صورة من هذا التنسيق خلال العدوان على غزة ، فقد تم الكشف عن لقاء سري في رام الله بين رئيس المخابرات الفلسطيني مع احدى القيادات الامنية الاسرائيلية ، أي تنسيق هذا مع عدو قاتل وسفاح ؟ هذا يؤكد بأن رئيس المخابرات الفلسطيني لا يعنيه العدوان ، ومن حق كل فلسطيني اتهامه بانه جزءا منه ، ولا ننسى منظر الفتية الفلسطينيين القادمين من يطا قضاء الخليل للعب كرة القدم مع فتيان يهود يقطنون في المستوطنات التي تحيط بغزة ، وكانت اللعبة بقيادة هداف السلام المزيف شمعون بيرس الذي يستغل مركز السلام الذي يحمل اسمه لكي يمرر مشاريعه الاحتلالية ، المصيبة أن هذا اللقاء الكروي المخزي والمخجل الذي اجري بعد الحرب على غزة ، لم يواجه أي اعتراض من قيادة السلطة في رام الله ولم يتم استجواب وزير الرياضة جبريل الرجوب الذي وقف وراء هذا  اللقاء الكروي .الفاقد لكل مصداقية
اثناء العدوان على غزة كان محمود عباس مشغولاً بوضع خطط مبنية على كيفية استمرار الحصار على المقاومة في غزة ، مستعيناً  بحليفه عبد الفتاح  السيسي ، ظاناً بأن جرح المقاومة نتيجة العدوان سيكون بالغاً وتجعلها تتنازل عن ثوابتها في التصدي للعدوان ، من هنا فأن عباس استغل زيارته للقاهرة بالتحريض على المقاومة والاستقواء بمصر كي تلزم قيادة حماس بعودة سلطة ابو مازن الى الحال الذي كانت عليه قبل هزيمتها في احداث غزة مع حركة حماس .
اثناء زيارة عباس للقاهرة ابلغت الاخيرة قيادة المقاومة بانها لن تسمح بفتح المعابر ولن تسمح للفلسطينيين بإقامة ميناء او مطار للطائرات قبل عودة سلطة ابو مازن للحكم في قطاع غزة ، هذا يؤكد بان دور مصر متحيزاً وليس موضوعياً .
ان استجارة محمود عباس بالسيسي كالمستجير من الرمضاء بالنار لأن الذي يتحكم بغالبية مفاتيح المعابر اسرائيل وليس مصر كما ان الاخيرة ليست قادرة على التحكم وحدها بإقامة الميناء او المطار ، لأن اسرائيل هي التي تقرر ذلك ، اذا لماذا يحاول السيسي ان يطعم نفسه ” جوز فارغ ” كان من المفروض ان تسبق زيارة عباس للقاهرة زيارة قطاع غزة للمساهمة في تضميد جراحها ، واذا كان لا يجرؤ على ذلك كان عليه ان يرسل رئيس حكومة المصالحة الذي لعب دور الحاضر الغائب اثناء العدوان على غزة .
لقد عاد محمود عباس الى جولاته المكوكية دون ان يرى ويقرأ ماذا يريد اطفال غزة ، ما هو مصير المدارس ، هل فتحت ابوابها ؟ ما هو مصير مئات الالوف من المشردين الذين هدمت بيوتهم ؟ ومصانعهم ومزارعهم ، اثبت العدوان على غزة بأن عباس وسلطته كالعملة الورقية التي فقدت قيمتها ولم يعد احداً يتداولها .
منذ وقف اطلاق النار لم يذكر عباس شيئا عن نكبة المواطنين في غزة ، كل ما يريده هو اعادة اعتباره واثبات وجوده من جديد ، اعتقد ان عبد الفتاح السيسي سوف يعيد له هيبته ، ففضل لقاءه بدلاً عن لقاء ابناء شعبه ، لم يطلب من السيسي وضع خطة مشتركة لإعمار غزة ، لم يتحدث معه عن قيام حكومة نتنياهو باغتصاب ستة الآف دونم من منطقة بيت لحم ومنطقة الخليل من الاراضي الفلسطينية وقد اعترف اكثر من وزير واحد في حكومة القتلة برئاسة نتنياهو بان خطوة نتنياهو هذه جاءت لإرضاء رؤوس اليمين الفاشي داخل المجتمع الاسرائيلي بسبب اخفاق وفشل آلة الحرب الاسرائيلية في قهر وهزيمة المقاومة .
كل ما حمله عباس معه الى القاهرة هو المزيد من التحريض على قيادة المقاومة التي فقدت خيرة مقاتليها كي يبقى جزءاً من فلسطين محرراً ، عباس يعرف اكثر من غيره بان التحريض على المقاومة لا يخدم سوى المصالح الامريكية والاسرائيلية ويضعف من لحمة الشعب الفلسطيني ، بعد وقف اطلاق النار تغيّر خطاب عباس ، اخذ يتحدث بلغة الطابور الخامس من قوى 14 آذار في لبنان الذين يريدون وضع حد لوجود المقاومة في لبنان ، ويطالبون بتجريدها من سلاحها ، هذا ما يريده عباس ، يريد ان يكون سلاح المقاومة في قطاع غزة تحت يده حتى يكون مصيره كمصير سلاح المقاومة داخل الضفة الغربية كي ينعم الاحتلال بالرخاء والاستقرار وبالمزيد من الاستيطان .
القاسم المشترك بين عباس والسيسي ان كليهما يلعب في ساحة السيرك الامريكي ، ويسجدان في محراب طاعتها ، ماذا يمكن للسيسي ان يقدم لفلسطين وشعبها وهو عاجز خائر القوى غير قادر على توفير الخبز والماء والكهرباء والغاز وفرص العمل لإبناء شعبه ، الافضل له ان يداوي زكامه قبل مداوة زكام غيره ، ان عصابات الارهابيين تصطاد جنوده كالبط لأن الجيش المصري الحالي من صنع امريكا ، لا يختلف عن جيوش الزينة العربية الموجودة في السعودية والاردن ودول الخليج هدفها مقتصر على حماية الانظمة وقمع شعوبها .
الأولى لعباس ان يستجيب لمطالب المواطنين في غزة ، هذه الجماهير لا تطلب سوى ابقاء معبر رفح مفتوحاً ، لكن السيسي يستخدم هذا المعبر وبإيحاء من محمود عباس سلاحاً للضغط على قيادة المقاومة في غزة كي تذعن لشروطه ، واهم هذه الشروط كشف سلاح المقاومة والتحكم بزناد نيرانها ، لكن هذا لم يحدث لأن المقاومة وسلاحها هي مسألة حياة او موت لكل عربي ولكل فلسطيني في كل مكان .
لقد اكد العدوان على غزة ذلك ، خاصة وان غالبية الانظمة العربية بقيت صامتة ومنعت شعوبها من التعبير عن غضبها ، وهذا يعتبر انتصاراً لإسرائيل لإنها في هذا العدوان تجاوزت كل الاختيارات خاصة مع مصر والاردن وغالبية الانظمة العربية ، ادركت اسرائيل بان الانظمة العربية وشعوبها لم تعد تعرف أي معنى للغضب ، لأن الغضب يعبر على الرفض والجبناء وحدهم لا يغضبون .