حماس واستحقاقات ما بعد العدوان فيما يتعلق بمصر وفلسطين

التصنيف : اراء حرة (:::)
رشيد شاهين – فلسطين المحتلة (:::)
ما ان وضعت الحرب أوزارها، وانقشع غبار المعارك، حتى بات “الناس” متفرغين لبعضهم البعض، ليعيدوا الكًرّة في التراشق الإعلامي غير الصحيح ولا الصحي.

هذا الجو المليء “بالأحقاد والضغائن”، نعتقد بأنه لا بد أن يتوقف، خاصة وان دماء الشهداء لم تجف بعد وجراح الجرحى لم تلتئم، و”المشردين” ما زالوا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء.

لهذا، بات منطقيا ان يتحدث “الناس” بصراحة، وبعقلانية بعيدا عن التخوين والتجريح وإلقاء التهم جزافا بدون حسيب ولا رقيب أو دليل في كثير من الأحيان، إن لم يكن في جميعها.

العدوان الإجرامي الذي شنته دولة الاحتلال على القطاع، فخلف ما خلف من قتل ودمار، يعتبر البعض انه كان يمكن تجنبه، علما بأن الكيان، لم يتوقف يوما عن قتلنا، ولو لم يتم العدوان خلال حزيران، لكان جرى خلال أي شهر بعد ذلك، وسيتشدق المتحذلقون بنفس حذلقتهم عندئذ أيضا.

حماس وكل أجنحة المقاومة تصدت ببطولة للعدوان، مما منع الاستمرار في الهجوم البري، واعتبرت المقاومة ومعها الملايين من فلسطينيين وعرب ما تحقق انتصارا، فيما اعتبره قلة ممن “أغاظهم” صمود غزة، انه كان هزيمة كبرى و”دليلهم” الثمن الكبير الذي تم دفعه. والسؤال، هل كان على غزة أن تستسلم، وهل كان على المقاومة ألا ترد على كل ما ارتكب من جرائم؟

منذ مصالحة مخيم الشاطئ، بدأ الكيان يعيد اسطوانة تخيير السلطة بين حماس “وإسرائيل”، ولهذا فالعدوان كان آتٍ آتْ. وحيث انه وقع، فشاهدنا المواقف الفلسطينية، التي بدت جلية بكل ما فيها من منغصات واختلافات، كذلك شاهدنا المواقف العربية بشكل عام، ونخص هنا الموقف المصري، الذي كان بالنسبة لنا من أسوا المواقف التي يمكن أن تصدر عن دولة بوزن مصر.

هذا الدور الذي نعتقد بان القيادة الحالية تقوده إلى ما كان عليه الحال زمن مبارك، الذي قزم الموقف المصري إلى الدرجة التي أصبحت أي دولة عربية مهما كان حجمها “قطر” نموذجا، أكثر تأثيرا، علما بأن العدوان كان يمكن أن يشكل فرصة تاريخية لمصر لاستعادة دورها، ليس فيما يتعلق بفلسطين فقط، وإنما في المنظومة العربية والإفريقية والعالم الثالث ككل.

ما جرى من قيادة مصر، كان بمثابة الصدمة لكثير ممن أيد السيسي، حيث كان جليا انه يبحث عن الانتقام من الإخوان من خلال حماس، مع علمه ان غزة هي شعب وليس فصيل فقط. وتم تشغيل ماكينة إعلامية هائلة للعمل ضد حماس وفلسطين لصالح الكيان، ماكينة تم تشغيلها بهذا الشكل فقط في عهد السادات بعد زيارته للقدس.

نفهم ان هنالك اتهامات توجه لحماس، كونها جزء من الإخوان، لكن لا نفهم كل هذا الحقد الذي اضر بالشعب الفلسطيني قبل ان يضر حماس، ولا يمكن ان نفهم منع الوفود والمساعدات من الدخول أو إعاقة دخولها وتأخيرها، او منع الجرحى من المغادرة عبر مصر او السماح لهم العبور “بالقطارة”، وغير ذلك من الممارسات المستهجنة وغير المقبولة.

وحيث اثبتت هذه التجربة، ان بإمكان مصر ان تتسبب بأضرار لا حصر لها لشعبنا في غزة، وان لا مجال سوى ان تظل مصر جارة لغزة، إذن لا بد من تعلم الدروس والعبر، ومن هنا نقترح على الإخوة في حماس إعادة النظر ببعض سياسات الحركة واستراتيجياتها حتى لا تتكرر المهزلة – المأساة-، وهذا ليس دعوة للاذعان او التراجع، بقدر ما هو دعوة لمراجعة الأولويات، والتي منها، ان تحاول حماس النأي بنفسها عن حركة الإخوان على الأقل خلال مرحلة الصراع الفلسطيني الصهيوني وإقامة الدولة وعاصمتها القدس.

كذلك، وعلى الأقل خلال مرحلة الصراع هذه، التأكيد للدولة المصرية، بالامتناع عن أي تدخل في الشأن المصري الداخلي، والنأي بنفسها عن أية ممارسات قد تضر بمصر او تسيء إلى القيادة المصرية، بما في ذلك عدم تنظيم المظاهرات المناهضة للقيادة المصرية وعدم المشاركة في تنظيمها، وكذلك الامتناع عن أي ممارسات قد تتسبب في توتير العلاقات بين قيادة مصر وفلسطين وما إلى ذلك من ممارسات قد تؤدي إلى استعداء السيسي وحكومته.

وفيما يتعلق بفلسطين، فلا بد من الاستمرار في عملية “المصالحة” واستكمالها، ولجم كل العابثين وغير الراغبين فيها لأنها لا تتناسب وامتيازاتهم المتحققة نتيجة الانقسام، وعدم الاستفراد بقرارات السلم والحرب، لان ذلك يتعلق بشعب بأكمله، وهنا لا نتحدث عن حرب يتم فرضها على شعبنا، لان ذلك لا يحتمل الانتظار.

وفي هذا الإطار وحتى لا يكون المجال مفتوحا أمام العابثين من الجهات الأخرى، وحتى لا يتم استنادا لذلك إعاقة إعادة الأعمار، لا بد من القبول بإشراف حكومة التوافق او أي هيئة وطنية ينم التوافق عليها، حتى لا يعاد الحديث عن حكومة ظل وسواها من الترهات. علما بان موضوع إعادة الأعمار يعتبر احد أهم الأولويات التي تسعى دولة الاحتلال إلى إعاقته وتأخيره من اجل التأثير على الحاضنة التي احتضنت المقاومة.

أخيرا نقول انه ليس من حق أحد ان يسلب الناس مشاعرهم، فلأي كان الحق الشعور بالانتصار، ولغيره ان يشعر بالهزيمة، لكن ليس من حق من يشعر بالهزيمة ان يفرض ذلك على المنتشي بشعور الانتصار، وليس من حق الذي يشعر بالهزيمة ان يحاول فرض الهزيمة واستدخال مشاعر الهزيمة بين الناس.