اللهُ مالك كل شئ

التصنيف  : كتابات و مواد دينية (:::)
مروة برهان – اسكندرية (:::)
قالَ تعالى { وللهِ ما فى السمواتِ و ما فى الأرضِ و لقد وصينا الذين أوتوا الكتابِ من قبلِكم و إياكم أنِ اتَّقُوا اللهَ و إن تكفروا فإن للهِ ما فى السمواتِ و ما فى الأرضِ و كان اللهُ غنيَّاً حميداً * وللهِ ما فى السمواتِ و ما فى الأرضِ و كفَى باللهِ وكيلاً * إن يشأْ يُذهِبْكُم أيها الناس و يأتِ بآخَرين و كان اللهُ على ذلك قديراً * من كان يريدُ ثواب الدنيا فعند اللهِ ثواب الدنيا و الآخرةِ و كان اللهُ سميعاً بصيراً }
يُخبِرُ اللهُ تعالى أنه مالك السمواتِ و الأرضِ و أنه الحاكم فيهما و لهذا قال { و لقد وصينا الذين أوتوا الكتابِ من قبلِكم و إياكم } أى وصيناكم بما وصيناهم به من تقوى اللهِ عز و جل و عبادته وحده لا شريك له ثم قالَ { و إن تكفروا فإن للهِ ما فى السمواتِ و ما فى الأرض } كما قالَ موسى لقومِهِ فيما يخبِرُ اللهُ عنه { إن تكفروا أنتم و من فى الأرضِ جميعاً فإن اللهَ غنىٌّ حميد } فهو غنىٌّ عن عبادِه .
و قولِهِ تعالى { وللهِ ما فى السمواتِ و ما فى الأرضِ و كفَى باللهِ وكيلاً } معناه إنه سبحانه هو القائمُ على كلِّ نفسٍ بما كسبتْ الرقيب الشهيد على كلِّ شئٍ على جميعِ مخلوقاتِهِ المُطَّلِع على الجميع . و قولِهِ جلَّ شأنه { إن يشأْ يُذهِبْكُم أيها الناس و يأتِ بآخَرين و كان اللهُ على ذلك قديراً } أى هو وحدُهُ قادر على إذهابِكُم و تبديلِكُم بغيرِكُم إذا عصيتموه كما قال { و إن تتولَّوا يستبدِلُ قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالَكُم } و قد قالَ بعض السلفِ الصالح ” ما أهون العباد على اللهِ إذا أضاعوا أمره ” و أما قوله تعالى { من كان يريدُ ثواب الدنيا فعند اللهِ ثواب الدنيا و الآخرة } فمعناه يا مَن ليس له همه إلا الدنيا , اعلم أن عندَ اللهِ الكريمِ ثواب الدنيا و الآخرةِ و إذا سألته سبحانه من هذه و هذه أعطاكَ من فضلِهِ و أغناكَ و أقناكَ و أسبغَ عليك نعمه التى لا تستطيع عدَّها و لا يمكنك حصرها كما قالَ تعالى { فمن الناسِ من يقولُ ربنا آاتِنا فى الدنيا و ما لَهُ فى الآخِرةِ من خلاق } و قالَ عزَّ شأنه { من كان يريدُ حرثَ الآخِرةِ فنَزِدْ له فى حَرثِهِ و من كان يريدُ حرث الآخِرةِ نؤتِهِ منها و ما لَهُ فى الآخِرةِ من نصيب } و قالَ تعالى { من كان يريدُ العاجلةَ عجَّلْنا له فيها ما نشاء لِمَنْ نريدْ ثم جعلنا له جهنَّمَ يصلاها مذموماً مدحوراً } و قولِهِ تعالى { فعند اللهِ ثواب الدنيا و الآخرة } أى فلا يقتصِر أحد على السعى للدنيا فقط بل لِّتكُنْ هِمَّته سامية إلى نَيلِ المطالبِ العاليةِ فى الدنيا و الآخِرةِ فإن مرجعَ ذلك كله إلى الذى بيدِهِ الضُرِّ و النفعِ و هو اللهُ الذى لا إلهَ إلاَّ هو الذى قسَّمَ السعادةَ و الشقاوةَ بين الناسِ فى الدنيا و الآخِرةِ و عَدَلَ بينهم فيما عَلَّمَهُ فيهِم ممن يستحقَّ هذا وممن يستحقَّ هذا { و كان اللهُ سميعاً بصيراً } أى يسمعُ ما يقولونه و يبصرُ ما يُسِرُّونِه .