فقه الحكم والحكومات في كتب النظم العربية

التصنيف : اراء حرة (:::)
عدنان الروسان – الاردن (:::)
لا يمكن أن تكون الحكومة معصومة من  شكوى الخصوم و تذمر الناس ، فحصانتها التي تتمتع بها مكتسبة و ليست منتزعة ” على ما نعلم على الأقل ” ، و هي أي الحكومة ليست إلا صاحبة وظيفة  تأخذ عليها أجرا ولا يحق للأجير أن  يتمرد على سيده ولا أن يعاقبه ولا يسجنه ولا يعصيه ، و لا يجوز له الإسفاف برأيه ، و سلطة الحكومة المقيدة مستمدة من سلطة الشعب المطلقة ، ولا يجوز لحكومة أن تتباهى بأنها لا تسعى لإرضاء الناس أو البحث عن قرارات شعبية ، أو أن رضى الناس غاية لا تدرك ، فهؤلاء الناس هم أرباب العمل  ، كما لايجوز لرئيس أن يتمرد على سلطة الشعب ولا أن تختلف إرادته عن إرادته ، بل يجب أن تكون متماهية معه إن لم تكن متطابقة .
الشعب باق والحكومات تترى و تتوالى طوعا أو كرها ، وإرادة الشعب من إرادة الله ، أما إرادة الرئيس فقد تصيب و قد تخطيء بينما ” لا تجتمع أمتي على ضلال قط ” في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ، إن ولاية الحكومة و ضوابطها ووظائفها تنتظم بالعقد الاجتماعي الذي يربط الحكومة بالشارع ، أي الناس ، كما أن الشارع و الشارع هنا نعني المشرع يرتبط بالناس بنفس الوظائف و ضمن نفس الأطر والضوابط ، و حينما ينفرط عقد الضوابط يستكبر الرئيس و يتعالى و يصيبه الكبر ، و يشعر أن موكبه أكبر من الوطن و منصبه أعلى من الشعب ، و يظن أنه صاحب العمل والناس عنده أجراء و تنقلب الصورة و بالتالي تنقلب الموازين و تتحطم أعمدة البناء التشريعي و التنظيمي للحكم والحكومة .
إن الحكومة توغل في التراجع والتأخر و تستنكف عن المراجعة ، و في فقه الدولة فلا يجوز للوالي أن يتطاول على من ولي أمرهم  لمجرد أنه يملك أدوات التطاول و معدات الخوف ، وإلا لذهب كل صاحب قوة بقوته و لانقلب المجتمع بكل مكوناته إلى شرعة الغاب يأكل القوي فيه الضعيف ، كنا نقول أن فقه المراجعة يقتضي منا أن ننظر في داخلنا و حولنا ، وأن نستذكر مبدأ الولاية كما يجب أن يكون وأن تستذكر الحكومة دور الأصيل و دور الوكيل وأن تتذكر و بحزم دائما أن الوكيل يبقى مرتكزا بقوته على مبدأ الوكالة لا غير ، أما أن تنقلب مشارب الوكيل ليحشد المؤيدين ممن يفكرون بغرائزهم و يعتاشون بما تبقى من كرامتهم إن تبقى لهم منها شيء ليقول أنه الأصل و الشعب هو الوكيل فهذا لا يستوي عند ذوي الألباب .
إن فقه المراجعة في مرجعيات الدولة العليا يقضي بأن تقول الحكومة نعم أخطأت حينما تخطيء و ما أسهل الاعتراف بالخطأ حينما يكون المقصد شريفا والهدف نبيلا و ما أصعبه على الذين يعتبرون الحكومة منصبا والرئاسة تشريفا و تعظيما ، كما أن مجلس النواب لا بد أن يعترف بخطاه أو أخطاءه إن وجدت و ما أكثرها و خير الخطائين التوابون ، غير أن الخطائين الذين عندنا يعتبرون التوبة عيبا والتراجع نقيصة .
م ثمانين صوت ثقة و عشرون معارضة ، و ينظر النواب بوجوه بعضهم البعض ثم يصفقون و يبتسمون و يبصقون في وجه الناخبين الذين أوصلوهم إلى تحت قبة البرلمان ، و أعترف أن الناخبين يستحقون هذه المرة ماجرى لهم ، لأن الذي يبيع ضميره و صوته بعشرين دينارا يستحق أن يمقته الله والناس أجمعين و يستحق أن يسكت حينما تصفعه الحكومة بكل أحذيتها الجديدة والقديمة .
الحكومة الأردنية و البرلمان الأردني ليسا حالة نادرة بل قد يكونا من ألأقل مهانة و اهانة في نعيم النظام الرسمي العربي ، فكل الحكومات و الحمد لله هي كذلك أو أدنى من ذلك والشعوب ساكتة سكوت ألاموات و صامتة صمت القبور كأنما على رؤوسهم الطير ، القادم علينا و عليكم صعب جدا و هذا توقع وليس أمنيات  و ما امتحان غزة الا واحد من عشرات أو مئات الإمتحانات التي سقطت بها الحكومة الأردنية و الحكومات العربية جميعها  و ستبقى تسقط لأن أولي الأمر سقط و الحمد لله ، و سأحدث القراء الكرام عن ذلك في مقال قادم إن اتسع الوقت والحال .
adnanrusan@yahoo.com