ما هي الاستراتيجيات العشر للتحكم بالشعوب!!أين الكيان الصهيوني منها!

التصنيف : دراسات (:::)
بقلم : بكر السباتين *
من هو تشومسكي
وضع المفكر العالمي نعوم تشومسكي : عشر استراتيجيات للتحكم بالشعوب في سياق الوسائل التي تعتمدها السلطات لتهجين شعوبها مع فوارق هامشية تتعلق بالظروف الخاصة لكل شعب؛ بينما تتشابه المفردات الإنسانية التي تقوم عليها نظرية السلطة أو سياسة فرض التبعية الشعبية للأنظمة المتسلطة مثل الخوف .
فيرى تشومسكي بأن معطيات فرض التبعية العمياء على الشعوب تبدأ بسياسة الإلهاء لتعبئة الوقت بما لا يفيد.. ثم ابتكار المشاكل لحلها وكأن السلطة تمتلك الحلول لمشاكل الناس وإدخال المشاكل الحقيقية العويصة في قائمة المواضيع المطروحة للنقاش( أي الحكومة تعمل وتحل المشاكل وفق قوائم محددة) وهي حيلة ستنطلي على الشعوب ما دامت تبادر إلى فعل شيء يسكت المعارضين ولو إلى حين.. ثم يلي ذلك إستراتيجية التدرج، أي يتم قبول إجراء غير مقبول، إذْ يكفي أن يتمّ تطبيقه بصفة تدريجيّة.. ثم مخاطبة الشعب كمجموعة أطفال صغار.. و استثارة العاطفة بدل الفكر.. و إبقاء الشّعب في حالة جهل وحماقة.. أيضاً معرفة الأفراد أكثر ممّا يعرفون أنفسهم كذلك تشجيع الشّعب على استحسان الرّداءة.. بما يعرف بتسميم وتشويه الذائقة للمتلقي.
ولعل حكوماتنا العربية هي المثال الأوضح في سياساتها المفتقرة للشفافية والوضوح على شعوبها المغبونة! وهذا بدوره لا يعني بأن الكيان الإسرائيلي في حِلٍّ منها؛ على اعتبار أنه الأكثر مهارة في قلب الحقائق وتلوينها بالأكاذيب كي يمرر سياساته الخادعة الرعناء على (شعبه) كما يجري الآن من تبريرات سياسية لحربها البشعة على الفلسطينيين في غزة.
والمفكر الأمريكي أفرام نعوم تشومسكي المولود في 7 ديسمبر 1928 فيلادلفيا، بنسلفانيا، هو أستاذ لغويات وفيلسوف أمريكي إضافة إلى أنه عالم إدراكي وعالم بالمنطق ومؤرخ وناقد وناشط سياسي. اشتهر بنقده للسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية ورأسمالية الدولة ووسائل الإعلام الإخبارية العامة.
فقد نشرت المواقع الإلكترونية العالمية أفكاره الجديدة عن علاقة الشعوب بحكامها من منطلق تجربته الواسعة في دراسة تلك العلاقة كخبير إعلامي ومفكر تعتمد عليه المرجعيات فقد تم الاستشهاد بتشومسكي كمرجع أكثر من أي عالم حي خلال الفترة من 1980 حتى 1992، كما صُنف بالمرتبة الثامنة لأكثر المراجع التي يتم الاستشهاد بها على الإطلاق في قائمة تضم الإنجيل وكارل ماركس وغيرهم. وقد وُصف بالشخصية الثقافية البارزة، حيث صُوت له كـ “أبرز مثقفي العالم” في استطلاع للرأي عام 2005.
أفكاره تساعدنا على التعرف بالذات المحاصرة بالمتاريس السلطوية. لا بل تقربنا من حقوقنا الأساسية من خلال محاورة الحكومات ومساءلتها فيما تقدم وتؤخر! وفي هذا السياق دعوني أطرح عليكم أفكار هذا المفكر العالمي من أجل الانتباه وترتيب دواتنا في عالم يحاول إقصاءنا عن الخطوط المشبوه كي تتفرد بنا السلطات.
إذاً ماذا يقول تشومسكي عن الاستراتيجيات العشر للتحكم بالشعوب. وما عليك إلا مقارنتها بالواقع حتى تتفاعل معها من أجل ولادة جديدة لمواطن يحترم إنسانيته وحرياته الأساسية فيما لا يخشى من إلقاء الأسئلة على الحكومات التي تدير شؤونه. أما الإستراتيجيات العشر فهي كما وردت في عدة مواقع إلكترونية:
(1) إستراتيجية الإلهاء: هذه الإستراتيجية عنصر أساسي في التحكّم بالمجتمعات، وهي تتمثل في تحويل انتباه الرّأي العام عن المشاكل الهامّة والتغييرات التي تقرّرها النّخب السياسية والاقتصادية، ويتمّ ذلك عبر وابل متواصل من الإلهاءات والمعلومات التافهة. إستراتيجية الإلهاء ضروريّة أيضا لمنع العامة من الاهتمام بالمعارف الضروريّة في ميادين مثل العلوم، الاقتصاد، علم النفس، بيولوجيا الأعصاب و علم الحواسيب. “حافظ على تشتّت اهتمامات العامة، بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية، واجعل هذه الاهتمامات موجهة نحو مواضيع ليست ذات أهمية حقيقيّة. اجعل الشعب منشغلاً، دون أن يكون له أي وقت للتفكير، وحتى يعود للضيعة مع بقيّة الحيوانات.”

(2) ابتكر المشاكل … ثم قدّم الحلول: هذه الطريقة تسمّى أيضا “المشكل – ردّة الفعل – الحل”. في الأول نبتكر مشكلا أو “موقفا” متوقــَعا لنثير ردّة فعل معيّنة من قبل الشعب، و حتى يطالب هذا الأخير بالإجراءات التي نريده أن يقبل بها. مثلا: ترك العنف الحضري يتناما، أو تنظيم تفجيرات دامية، حتى يطالب الشعب بقوانين أمنية على حساب حرّيته، أو: ابتكار أزمة مالية حتى يتمّ تقبّل التراجع على مستوى الحقوق الاجتماعية وتردّي الخدمات العمومية كشرّ لا بدّ منه.

(3) إستراتيجية التدرّج: لكي يتم قبول إجراء غير مقبول، يكفي أن يتمّ تطبيقه بصفة تدريجيّة، مثل أطياف اللون الواحد (من الفاتح إلى الغامق)، على فترة تدوم 10 سنوات. وقد تم اعتماد هذه الطريقة لفرض الظروف السوسيو-اقتصاديّة الجديدة بين الثمانينات والتسعينات من القرن السابق: بطالة شاملة، هشاشة، مرونة، تعاقد خارجي ورواتب لا تضمن العيش الكريم، وهي تغييرات كانت ستؤدّي إلى ثورة لو تمّ تطبيقها دفعة واحد.

(4) إستراتيجية المؤجّــَـل: وهي طريقة أخرى يتم الاتجاه إليها من أجل إكساب القرارات المكروهة القبول وحتّى يتمّ تقديمها كدواء “مؤلم ولكنّه ضروري”، ويكون ذلك بكسب موافقة الشعب في الحاضر على تطبيق شيء ما في المستقبل. قبول تضحية مستقبلية يكون دائما أسهل من قبول تضحية حينيّة. أوّلا لأن المجهود لن يتم بذله في الحين، وثانيا لأن الشعب له دائما ميل لأن يأمل بسذاجة أن “كل شيء سيكون أفضل في الغد”، وأنّه سيكون بإمكانه تفادي التّضحية المطلوبة في المستقبل. وأخيرا، يترك كلّ هذا الوقت للشعب حتى يتعوّد على فكرة التغيير ويقبلها باستسلام عندما يحين أوانها.

(5) مخاطبة الشعب كمجموعة أطفال صغار: تستعمل غالبية الإعلانات الموجّهة لعامّة الشعب خطابا وحججا وشخصيات ونبرة ذات طابع طفوليّ، وكثيرا ما تقترب من مستوى التخلّف الذهني، وكأن المشاهد طفل صغير أو معوّق ذهنيّا. كلّما حاولنا مغالطة المشاهد، كلما زاد اعتمادنا على تلك النبرة. لماذا؟ “إذا خاطبنا شخصا كما لو كان طفلا في سن الثانية عشر، فستكون لدى هذا الشخص إجابة أو ردّة فعل مجرّدة من الحسّ النقدي بنفس الدرجة التي ستكون عليها ردّة فعل أو إجابة الطفل ذي الإثني عشر عاما.”

(6) استثارة العاطفة بدل الفكر: استثارة العاطفة هي تقنية كلاسيكية تُستعمل لتعطيل التّحليل المنطقي، وبالتالي الحسّ النقدي للأشخاص. كما أنّ استعمال المفردات العاطفيّة يسمح بالمرور للاّوعي حتّى يتمّ زرعه بأفكار، رغبات، مخاوف، نزعات، أو سلوكيّات.

(7) إبقاء الشّعب في حالة جهل وحماقة: العمل بطريقة يكون خلالها الشعب غير قادر على استيعاب التكنولوجيات والطّرق المستعملة للتحكّم به واستعباده. “يجب أن تكون نوعيّة التّعليم المقدّم للطبقات السّفلى هي النوعيّة الأفقر، بطريقة تبقى إثرها الهوّة المعرفيّة التي تعزل الطّبقات السّفلى عن العليا غير مفهومة من قبل الطّبقات السّفلى”

(8) تشجيع الشّعب على استحسان الرّداءة: تشجيع الشّعب على أن يجد أنّه من “الرّائع” أن يكون غبيّا، همجيّا و جاهلا

(9) تعويض التمرّد بالإحساس بالذنب: جعل الفرد يظنّ أنّه المسئول الوحيد عن تعاسته، وأن سبب مسؤوليّته تلك هو نقص في ذكائه وقدراته أو مجهوداته. وهكذا، عوض أن يثور على النّظام الاقتصادي، يقوم بامتهان نفسه ويحس بالذنب، وهو ما يولّد دولة اكتئابيّة يكون أحد آثارها الانغلاق وتعطيل التحرّك. ودون تحرّك لا وجود للثورة

(10) معرفة الأفراد أكثر ممّا يعرفون أنفسهم: خلال الخمسين سنة الماضية، حفرت التطوّرات العلميّة المذهلة هوّة لا تزال تتّسع بين المعارف العامّة وتلك التي تحتكرها وتستعملها النّخب الحاكمة. فبفضل علوم الأحياء، بيولوجيا الأعصاب وعلم النّفس التّطبيقي، توصّل “النّظام” إلى معرفة متقدّمة للكائن البشري، على الصّعيدين الفيزيائي والنّفسي. أصبح هذا “النّظام” قادرا على معرفة الفرد المتوسّط أكثر ممّا يعرف نفسه، وهذا يعني أنّ النظام – في أغلب الحالات – يملك سلطة على الأفراد أكثر من تلك التي يملكونها على أنفسهم.

من هنا ستضج رؤوسنا بالأسئلة حينما يباغتنا مسئول بتبرير إزاء تقصير ما في واجباته المنوطة به. لا بل ربما ستضعك في موقف المراجعة للحسابات الذاتية من أجل بناء الشخصية على أساس الفهم لجوهر القضايا للتمكن من تهميش الغث والغير
مفيد في إطار اتخاذ المواقف الجادة المفيدة وإبداء الرأي حول السياسات الحكومية وقراراتها المصيرية. حتى أنها تساعدنا على التخلص من نير الاحتلال الرابض على كرامتنا كما يجري الآن في غزة التي تواجه المبادرات السياسية المشبوهة والمليئة بالمكائد والأكاذيب من خلال التصدي والصمود أمامها من أجل إجراء التعديلات عليها وفق المطالب المشروعة للمقاومة. هذا كمثال قياسي ربما يتجاوز حدود نصائح تشومسكي في عالم تسوده سلطة المصالح الدولية على حساب الشعوب المقهورة.
———————
*فلسطيني من(الأردن)
رابط المؤلف:
http://www.bakeralsabatean.com/cms/component/option,com_frontpage/Itemid,1/