سري وللنساء فقط : من أدب السجون

 
التصنيف : القصة (:::)
بقلم : زكرياء بوغرارة – المغرب (:::)
إندفع مجموعة من زوار الفجر إلى غرفتي المزدحمة بالأوراق والجرائد القديمة وأكوام متكدسة من الكتب المترامية في كل مكان.. بحلق بعضهم في بعض, دامت لحظة الوجوم عدة ثوان..
ضرب كبيرهم كفا بكف وهو يقول برتابة وسأم
_ هل قرأت كل هذه الكتب؟؟
تسمرت في مكاني ولم أنبس ببنت شفة, سكنت ملابسي ولذت للصمت.. بينما الرجال أصحاب سنحة سوداء كفطير محترق  يفتشون جنبات الغرفة.. ينهمكون في شغلهم بإخلاص  منقطع النظير
في لمح البصر قلبوا غرفتي  رأسا على عقب..لعلهم يبحثون في رزنامات الأوراق عن شيء ما بينما بعضهم ينبشون كلفئرن وينقبون ويلاحقون  عناوين الكتب وفهارسها ويقلبون صفحات المجلات القديمة في دأب لايفتر
تساءلت بيني وبيني
_ عما يبحثون؟؟؟
ابتسم كبيرهم بمكر وكأنما قرأ ما يجول بخاطري قال وهو يهز رأسه
_ نبحث عن السلاح
مشاعر من أحاسيس شتى تناوبتني تلك اللحظة تمعر لها وجهي
كان سلاحي بين ملابسي.. إنه في جيبي بل بمعطفي الرمادي.. تحسسته أناملي في بطئ  ورتابة الى أن وضعت يدي على …
قلمي… ثم أرسلت تنهيدة  حرى وأنا أرتعش من البرد إنها أيام الشتاء الصقيعية ومخيالي  يسافر بي الى المنفردة ترى كيف سأقضي أيام الشتاء في المعتقل؟؟
انتهى التفتيش تجمع أصحاب الوقت في حلقة دائرية وتبادلوا بينهم  الحديث همسا بينما أحدهم يحمل عشرات الكتب.. يبدوأنهم سيأخذونها معهم , إنها لحظات صامتة بلا معنى  تأملتهم في سكون وهم يغاذرون الغرفة السوداء.. لمحت أحدهم يتقدم بسرعة فأر نحو قائده وهو يقول بفخر واعتداد
( نعم سيدي.. لقد عثرنا على هذا الكتاب)
بعينين جاحظتين تفحصه القائد وهو يغمغم
_ سري  للغاية
ثم هز رأسه وكأنه عثر على كنز ثمين يكفي ليزج بي في العتمة ردحا من الزمن
سحبوني خارج الغرفة وقد أحكموا الطوق حولي والأصفاد في يدي
التفت نحو كبيرهم بآلية وقلت ببرودة
_ سري وللنساء فقط
هذا هو العنوان
أشاح بوجهه عني وقد اضطرب لحظتها كأموج البحر المتلاطمة على صخرة منعزلة في شاطئ مهجور
( إنها مهمة فرق البحث والدراسات)
ثم إنطلق الموكب الصامت في رحلة العتمة والمتاهة والشتاء