خربشات على المرآة 4 – “نظام مع شوية إحساس”

 

التصنيف : اراء حرة (:::)
بقلم نادر أبو تامر- فلسطين المحتلة (:::)
من خلال زياراتي المتكررة لمختلف الاماكن العامة والمكاتب المتنوعة التي تقدمت الخدمات للجمهور انتبهت بأننا كثيرا ما نلخبط فيختلط لدينا الحابل بالنابل بسبب عدم النظام والترتيب وعدم احترام الدور.
بعضنا يعتقد لسبب ما بانه يحق له معالجة طلبه وتوجهه اسرع من غيره لأنه هو او لأنه ابو فلان او لأسباب متعددة غنية عن الذكر في هذه العجالة.
ما التفت اليه في المجتمعات والمحافل الاخرى هو ان الدور هناك انما هو مسالة ترتيب مفروزة ومصنفة ومنهجية سلفا بغض النظر عن القادم الينا. وربما ما يزعجني هناك هو أن الشاب في حالات كثيرة لا يعطي دوره للمسن (ليس دائمًا)، وهو ما زلنا نلمسه لدى عديدين لدينا.
حدثني صديق قائلا: “عندما كنت في الدور في محل عمومي قبل عدة ايام وانتظرت دوري كالمعتاد تقدم مني احد الاشخاص وقال لي تفضل يا استاذ من هون (يعني يمكنك الالتفاف على الدور) لأعالج طلبك بصورة اسرع، فاندهش من ردة فعلي عندما شكرته شكرا جزيلا واعتذرت منه وقلت له انني افضل الانتظار مع الجميع في الدور، وان كانت المدة الزمنية التي سيستغرقها الانتظار هي فترة هامة بالنسبة لجدول التزاماتي وارتباطاتي في ذلك اليوم”.
ومن الجميل ان الثروة التكنولوجية تحمل في طياتها تغييرات منعشة في تدبير النظام وإدارة الوقت حيث يمكنني ان اقضي وقت الانتظار مثلا في مطالعة صحيفة انترنتية عبر المحمول او كتابة مثل هذه الاسطر قبل ان يناديني المنادي لأتقدم من الموظف الذي يعالج طلبي.
تطبيق النظام هو مجرد قضية اختيار. علينا اختيار ذلك لنكون تماما مثل غيرنا من الحضارات المنظمة التي تحترم الوقت وإدارته.
لا يعقل ان نترك الامور اعتباطية نلقيها صوب قارعة الصدفة والتزامن، بل لا بد من العمل المنهجي المدروس والواعي، مع شوية إحساس… إذا كان هناك مريض، مسنّ، مسنة، ذو احتياجات خاصة.. وما إلى ذلك فلا مانع أيضا بأن نعطيه دورنا حفاظا على الشهامة والكرامة التي تربينا في كنفهما بمفاهيمهما الايجابية الجميلة.