تهب الرياح من كل اتجاه : هكذا افكر انا

 

التصنيف : اراء حرة (::::)

إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك  (:::)

( بين الإيمان بالله والإيمان بالوطن )

من الأمور الصعبة أن يصل الإنسان لدرجة متقدمة من الإيمان بالله إيماناً صحيحاً بكل ما يتطلبه من حرص شديد للإبتعاد عن الهفوات وحتى إذا وصل إلى قرب نهاية الدرج الإيماني من السهل أن تنزلق قدمه بسهولة ليتدحرج لأسفل مرضض الجسد حتى العظام ، هذا السقوط سمعنا عنه كثيراً حتى من بعض الأنبياء الذين قرأنا عنهم في التاريخ نتيجة نزوة أو شهوة في العالم قد تمر في العقل للحظة فيتجه لتنفيذها بكل قواه وجوارحه ويكون السقوط عظيماً ، لكن ما أوسع بابا المغفرة والرحمة عند الإله الطيب الذي يفتح باب المغفرة حتى آخر لحظة . الإيمان بالوطن يأتي في المرتبة الثانية ، الخروج عن هذا الإيمان والخطيئة نحو الوطن كارثة والتوبة لا مجال لها ، الله يغفر خطيئة البشر ويسامح فيها بالتوبة الحقيقية ،  لكن التاريخ لا يغفر ولا يتسامح في خطيئة موجهة إلى الوطن ولا يرحم من يفقد إيمانه به وبقدسيته  ، هذا الإيمان الذي يدفع بالإنسان الأصيل أن يضحي بروحه من أجله . أؤمن بالله لكن في سلم الأعمال التي يتطلبها هذا الإيمان أحسب نفسي لم أتعد درجة أو درجتين على الأكثر ، مجرد الغضب أو عدم التسامح خطيئة تحتسب على الإنسان  أو الوقوع في عثرة لذا يقول الكتاب ” ويل لمن تأتي بواسطته العثرات ” . أؤمن بوطني إيماناً عميقاً وأحارب حتى لا أفقد هذا الإيمان ، عاصرت السقطات والعثرات التي أتي بها حكام هذا الوطن وكلما أحسست بأن قبضتي تكاد تفلت وأنني على وشك السقوط أزداد تشبثاً وأحمد الله أن هذا الإيمان لم يتزعزع حتى في أحلك الظروف ، ظننت إن أقدامي أصبحت على أبواب الفردوس بقيام ثورة 30 يونيو وأنه آن لي أن أستريح بفكري قليلاً وأنزع ثوب الخوف قبل وداع الحياة لكن يبدو أن المكتوب على جيلي عدم الراحة والخوف دائماً من أن نفقد إيماننا بالوطن ولا رحمة ولا مغفرة ، البلهاء الآن يريدون استنساخ الماضي ويعيدونه إلينا حتى في شخصية الرئيس ، أما آن للأفكار أن تتحرر من التبعية ، لماذا نصر على تحويل أنظارنا عن الأمام ودائماً نتجه بها إلى الخلف ، أين الحداثة والتحديث ، البعض يريدون إيهامنا أننا نعيش الستينات وكأن الستينات كانت تفيض بخيراتها ، حتى في الإنجازات الوهمية ، بدأ ظهور الدجل وتجاره على نمط ” خضرنا الصحراء” أيام عبد الناصر والتي كتبت عنها العدد السابق وصواريخ القاهر والظافر التي رأيناها كهيكل فقط في احتفالات 23 يوليو ولم نسمع عنها بعد ذلك والإعلاميون ما شاء الله عندما تقلب من قناة لقناة وتسمع تعليقاتهم على الأحداث لا تشك أبداً في أنهم اشتروا الإعلام من سوبر ماركت لا يبيع سوى التفاهة ، فقط أُنظر إلى ما مجدوا به الاستنساخ الوهمي المشابه للإنجازات الوهمية في الستينات في صورة جهاز  خرج من القوات المسلحة يقولون أنه لعلاج فايروس سي والإيدز وعدة أمراض أخرى ، دون أن يتبينوا حقيقته أو كيفية عمله وليس من المستبعد أن يزيدوا عليه بأنه يطرد الجن والعفاريت ، كم كنت أتمنى أن يكون جهازاً لمداواة العقول المريضة وأولها عقل الطبيب الكبابجي الذي سيعالج الإيدز بصباع كفته هو أحنا كنا خلصنا من صباع مرسي لما يطلع لنا صباع كفته !!! .                                                                                    edwrdgirges@yahoo.com