الغاسقون …ومرحلة البيـــادق

التصنيف : دراسات (:::)

بقلم : رمضان العريبي – ليبيا (:::)

لقد تعرضنا عبر سلسلة ( الغاسقون ) لجملة المخاطر المحيطة بليبيا و ثورتها الاستشـهادية وأوضحنا تلك المخاطر على أمل أن يساهم هذا التوضيح في خلق حالة وعى جديد و متنامي لكي يكون هذا الوعي عاملاً أساسياً يُرسخ حالة استنهاض تُعيد الثورة إلى مسارها الطبيعي المنتمي إلى ليبيا ..و إلى أهلها الطيبين الذين سجلوا في تاريخهم أسس المقاومة منذ أكثر من مائتي عام ..هذا الشعب في حقيقة أمره كان شـــعباً مقاوماً وقد دفع ثمناً باهظاً في مواجهات تاريخية تلك المواجهات التي حدثت في أتون معارك ضارية في مواجهة الغزو الايطالي البربري الشرس وقد واجه المستعمرون ما لم يكن في حسبانهم حينما انبرى أحرار ليبيا وشكلوا أنماط متعددة من عناصر المقاومة والجهاد البطولي في وجه الفاشست الطليان و أتباعهم وذلك رغم عدم التوازن المادي بين القدرتين لكن إرادة المجاهدين وإيمانهم شكلت قدرة إضافية لاستمرار النموذج المقاوم الشريف وقد سجل التاريخ لهؤلاء المجاهدين وقائع مشرفة أنارت الطريق أمام جيل مقاوم جديد اختزن في أذهانهم ووجدانهم مقومات نفسية وثقافية دفعت بأجيال ليبيا البطلة إلى الاستمرار الجسور ..وكانت ظلال روح عمر المختار و مجاهدي ليبيا دافعاً قوياً لاستمرار نهج المقاومة وعدم الركون للظلم والذل والاستبداد ..هذا المخزون الكامن في البعد الاجتماعي الليبي سيُمكن جيل الثورة من الانتصار على كل ما يحيط بليبيا من مخاطر تم ترتيبها لإجهاض الثورة ومضمونها وأهدافها الرئيسية و سيُحبط أحفاد المختار كل الترتيبات التي تستهدف كيان البلاد والعباد وذلك عبر قيام حالة الوئام الاجتماعي المحافظ على وحدة النسيج الوطني لقطع الطريق على آليات تسعى عبر أساليب ماكرة لتقسيم ليبيا ..و سيهزم جيل الثورة كل الأنماط العنصرية والجهوية وكذلك الآليات العاملة ضمن الترتيبات البريطانية والفرنسية والأمريكية الصهيونية ..إن أهم العناصر التي يجب أن تسود في أذهان جيلنا الثوري هي الابتعاد عن التشكيك والشك والعمل من أجل خلق وحدة التضامن والمودة بين رفاق الطريق حتى لا تُعطَى فرصة للمشككين والانتهازيين ..وقطع الطريق على محاولات المرابين والسماسرة الذين هم في واقع الأمر أحد المكونات التي تسعى من خلال أوامر أجنبية لإجهاض ثورة(17 فبراير) وتحريف مسارها وتخريب مضمونها الرسالي الحقيقي ..إن هؤلاء المرابين والسماسرة هم في حقيقة أمرهم حلفاء التنظيم السري (للحركة التدبيرية الصهيونية ) وقد تحدثنا و أوضحنا مخطط هذه الحركة الخطيرة وبينا بعض من أسماء قياداتها ونشاطهم في أرض الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا وفي ارض ثورة شباب اليمن التي تم تشتيت أركانها وتحريف مسارها وهى مثل صارخ أمامنا أدى إلى خلق حالة اضطراب خطير في اليمن السعيد لكن الأمل يحدو كل شريف بأن يستأنف شباب اليمن ثورته ويعيدها إلى مسارها الموحد لشعب اليمن العظيم ..إن الارتقاء بحالة الوعي الثوري لدى شرفاء ليبيا سيمكنهم من معالجة أوضاع خلقت حالة اضطراب ذهني في البنية الاجتماعية والمعالجة هنا يجب أن تكون على قاعدة معرفية بحيث يكون التشخيص دقيق ويرتكز على أبعاد المصادر التخريبية وأن لا نرهن أنفسنا في معالجة المعلول بل يجب أن نتجه في تشخيصنا إلى مصدر العلة و أن نبتعد عن المساجلة واللغط مع المعلول لأن هذا الأمر يعد مضيعة للوقت ولا فائدة منه…إن جيل ليبيا الثوري الذي ارتقى على أسوار الظلم ليس عاجزاً على المحافظة على التمسك بنهجه المناضل و إعادة ليبيا وثورتها إلى ما يجب إن يكون بوسائل سلمية أو غيرها إذا تطلب الأمر أو بوسائط تتصدى للاختراق الأجنبي الذي يعيث تخريباً وانحرافاً بالبنية الليبية اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً و يخرب المقومات التي يرتكز عليها البعد الحضاري لليبيا و انتماء شعبها لأمته الرسالية المجيدة ..و لكي نبين ركن من أركان النشاط التخريبي للأمة العربية و الإسلامية الذي قامت به الحركة الصهيونية منذ أمد بعيد حيث قام المستشرقون و أتباع النهج الصهيوني بسرقة كتب السنة الشريفة في بداية القرن السابع عشر و أخذوا في تجميع هذه الكتب وتفتقت عبقرية التنظيم الصهيوني اليهودي على العبث في بطون هذه الكتب والعمل على إعادة طبعها من جديد بما يخدم الإستراتيجية المقبلة الهادفة إلى تحريف الكلم عن مواضعه وقد تمكنوا من ذلك في كثير من الحالات كما حاولوا طباعة مصاحف و دسوا فيها ما يريدون لكن وعي العرب المسلمون قد أفشل مخططهم و تمت حماية القران وتحققت بأذن الله تعالى ((إنا أنزلنا الذكر وإنا له لحافظون )) …أما فيما يتعلق بسرقة كتب السنة فقد نجح الصهاينة إلى حد كبير في مبتغاهم و أمام عجز الصهاينة في المس بالقران الكريم انبرى علماءهم و أدواتهم المختلفة على ترتيب خطة ماكرة عام 1980 م تتلخص في ضرب الإسلام بالمسلمين وتخريب مضمونه الثقافي والحضاري بالفرق حيث نشأت الخلافات المذهبية و خلافات الفرق ونُشرت في أوساط المجتمع العربي الإسلامي فتاوى تفرق و لا توحد و تقولات تم فيها التعدي الماكر على الرسول الأكرم باعتباره يشكل القدوة الطاهرة في عقل الإنسان المسلم وضميره ..إن هذه الجزئية في مخطط أعداء الأمة العربية والإسلامية تحتاج إلى تفصيل أكثر سنتناوله في حلقات مقبلة ..

و كما يقول المثل إن المراجعة هي رأس الحكمة على الذين يهمهم هذا الأمر أن يراجعوا مقومات إيمانهم و إن يطلعوا على طبيعة المخطط المعادي للأمة حتى يتفادوا منزلق قد يؤدي بهم بأن يكونوا تروس في هذا المخطط بقصد أو بدون قصد ..إن العصر الذي نعيش يتطلب حالة وعي كبير بطبيعة الصراع الاستراتيجي بيننا و بين أعداء أمتنا و أن نعرف بدقة ماذا يجري بالضبط في واشنطن و في وكر الأفاعي السامة في لندن و باريس و الكرملين..إذا امتلكنا ناصية وعينا سنتمكن نضالياً من تحقيق مشروع الحرية على أرضنا ولشعبنا و كيف ما كان الأمر فان القاعدة الأساسية تقول إن أعدائنا لا يريدون لنا أن نعيش في خضم مشروع الحرية الحقيقي ..يريدون أن نكون أتباع مدى الحياة وعملاء مأجورين يحققون من خلال هذه التبعية أهدافهم القذرة فعلى الذين أقاموا أحلافاً سرية و علنية أن يتفادوا مبكراً هذه الحالة وذلك قبل (فوران التنور) لان جيل الأمة الثوري قد نهض من سباته محافظاً على التكليف الرسالي الذي نص عليه القران الكريم طاهراً نظيفاً بعيداً عن التشرذم والفرق وبعيداً عن التبعية والأحلاف و إن ليبيا و شبابها الثوري هي جزء لا يتجزأ من هذا المشروع و إن تيار الأمة المقاوم قد وصل الآن إلى مرحلة الردع والرعب و رفض في خطابه الإعلامي كل أنماط التشرذم الفاسد والمنحرف فهذا سني ..وهذا شيعي ..وهذا وهابي..وهذا سلفي..وهذا اسماعيلي..وهذا زيدي..وهذا علوي ..وهذا إبراهيمي..وهذا بوكو حرام..إن هذه المسميات سيتجاوزها البعد الرسالي لقرأننا المعظم وستعود الأمة إلى تكليفها الإلهي الحقيقي إن الصهاينة و مخططاتهم التدبيرية في الفرقة والتشرذم ستكون عما قريب في مهب الريح وسيعلم الذين انقلبوا أي منقلب ينقلبون ..وسنحرر كل مقدساتنا و أراضينا و أولها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ..وسيدفع الصهاينة ثمناً باهظاً كما سيدفع أتباعهم من الحكام العرب في وقت قريب ثمن خذلانهم للأمة ..وسيعود تيار الأمة المقاوم لإقامة صرح العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين الناس ..إن تيار الأمة المقاوم قد امتلك ناصية وعيه و اجتاز بهذا الوعي كل الأنماط العفنة و الخطب الرعناء و تجاوز في سلوكه الثوري كل الانتهازيون والذرائعيون الذين عرقلوا مسار هذه الثورات و عملوا بالتنسيق مع الأعداء لاحتواء هذه الثورات الشعبية الباسلة ..نكرر إن جيل ليبيا البطل هو جزء لا يتجزأ من هذا السبيل وعلى هذا الجيل أن يقيم أسس خطاب إعلامي جديد يستطيع أن يسمي الأشياء بمسمياتها و أن يرتكز في نداءه علي مضمون الثورة وأهدافها وان يكون خطاب يستند إلي رؤية حقيقية تتحدث عن المشروع الوطني الخالص والذي ينتمي إلي مصلحة الشعب والوطن.. إن الجهل هو احد أهم الأركان التي تمرر مشروع أعداءنا ..يجب أن يتبلور جهد إعلامي يختلف تماماً عن ما هو قائم حالياً….

عاشــت فلســطين المقدســـة … وعاش نضــال أمتنـــا الرســــالية المجيــــدة وعـاش جيــــل ليبيا الثوري الجســــور …..

هذا بيـــانٌ للناس نتمنى أن يؤخذ علي محمل الجـــد دون التعرض له بالتشكيك وخاصــــة من طرف الذرائعيــــون والانتهازيـــون والمرابــون والسماســــرة …. هذا بيــــانٌ لكل شــــريف يهدف إلي حالة الوئام… والثورة مستمــــرة… إن أساليبنا يجب أن تتوافق شـــــرفاً مع غاياتنــــا …