الإستمتاع بالإماء

 

التصنيف : كتابات ومواد دينية (:::)

مروة برهان – اسكندرية  (:::)

قالَ تعالى { و من لم يستطعْ منكم طَولاً أن ينكِحَ المحصنات المؤمنات فما ملكت أيمانكم من فتياتِكُم المؤمنات واللهُ أعلمُ بإيمانِكُم بعضكم من بعضٍ فانكحوهن بإذنِ أهلِهِنَّ و آتوهنَّ أجورهنَّ بالمعروفِ محصناتٍ غير مسافحاتٍ و لا نتخذاتِ أخدان فإذا أُحْصِنَّ فإن أتَينَ بفاحشةٍ فعليهِنَّ نصفُ ما على المحصناتِ من العذابِ ذلك لِمَنْ خَشِىَ العَنَتَ منكم و أن تصبِروا خيرٌ لكم واللهُ غفورٌ رحيم }

{ و مَن لم يستطِعْ منكم طَولاً } : أصل الطَول الزيادة و المراد به هنا الزيادة فى المالِ و السِعة . و المراد بالمحصناتِ هنا الحرائر . شَرَّطَ اللهُ سبحانه و تعالى فى نكاحِ الإماءِ شروطاً ثلاثةً هى : – 1 – ألا يجدُ الناكحُ مالاً يتزوَّجُ به حرة . 2 – أن يخشَى العَنَتَ و المراد به هنا الزنا كما فسَّرنا . 3 – أن تكونَ الأمة التى يريدُ نكاحها مؤمنة لا كافرة .

لعلَّ علة التضييق فى نكاحِ الإماءِ راجعةٌ إلى ما فى نكاحِ الإماءِ من أضرارٍ أهمها تعريض الولد للرِقِّ لأن الولدَ يتبعُ الأم فى الرِقِّ و الحريةِ فإذا كانت الأم رقيقة علقت بالولدِ رقيقاً و ذلك يوجبُ النقص فى حقِّ الولدِ و والدِه .

قالَ الشافعى : إن نكاحَ الإماءِ متوقف على الشروطِ السابقةِ و هى التى تضمنها قوله تعالى { و مَن لم يستطِعْ منكم طَولاً أن ينكِحَ المحصنات المؤمنات فما ملكتْ أيمانكم } . و قالَ أبو حنيفة : يجوزُ نكاح الأمة لِمَنْ ليس تحته حرة سواء أكان واجداً لنكاحِ الحرةِ أم لا , و سواء خَشِىَ العَنَتَ أم لا و سواء أكانت الأمة مسلمة أم لا و استدلُّوا بقولِهِ تعالى { فانكِحُوا ما طابَ لكم من النساء } و قولِه { و أنكِحُوا الأيامَى منكم و الصالحين من عبادِكُم و إمائِكُم } .

بعدما قالَ اللهُ تعالى { و مَن لم يستطِعْ منكم طَولاً أن ينكِحَ المحصنات المؤمنات فما ملكتْ أيمانكم من فتياتِكُمُ المؤمنات واللهُ أعلمُ بإيمانِكُم } فأُعِيدَ الأمر لزيادةِ الترغيبِ فى نكاحِ الإماء . و المراد بالإذنِ هنا الرضا . اتَّفقَ العلماءُ على أن نكاحَ الأمةِ بغيرِ إذنِ سيدِها غير جائز و استدلُّوا لبقولِهِ تعالى { فانكِحُوهُنَّ بإذنِ أهلِهِنَّ } . قالَ الشافعية : إذا نكحت الأمة بغيرِ إذنِ سيدِها فهذا نكاحٌ باطلٌ غيرُ صحيحٌ لقولِهِ تعالى { بإذنِ أهلِهِنَّ } . { بعضكم من بعض } فيه تأويلات : – الأول : إنكم و فتياتِكُم كلكم أولاد آدم .

الثانى : إنكم مشتركونَ فى الإيمانِ الذى هو أعظمُ الفضائل فقد كانوا فى الجاهليةِ يفتخرونَ بالأنسابِ فأعلمهم أنه لا فضل إلا بالدين . ذهبَ أكثرُ المفسرين على أن المرادَ من الأجورِ فى الآية { و آتوهن أجورهن } المهور و بعضهم يرى أن المرادَ من أجورِهِنَّ هنا النفقة عليهن . و على هذا التأويل تكونُ الآيةُ دالَّةٌ على وجوبِ مهرِ الأمةِ إذا نكحها غير سيدها سواء أسمى المهر أم لم يُسَمْ و يكونُ قوله تعالى { بالمعروف } مراداً منه مهر المِثل . المراد من المحصناتِ فى الآية { محصناتٍ غير مسافحات } العفائف . المراد من { و لا متخذاتِ أخدان } هى التى تتَّخِذُ لها رجلاً صاحباً فى الحرام .

{ ذلك لِمَنْ خَشِىَ العَنَتَ منكم } : اسم الإشارة ” ذلك ” يعودُ إلى نكاحِ الإماءِ و المراد بالعَنَتِ هنا الزنا . { واللهُ غفورٌ رحيم } أى واللهُ واسعُ المغفرةِ و واسعُ الرحمةِ فيغفِرُ لِمَنْ يصبِرَ عن نكاحِ الإماءِ عند عجزِهِ عن نكاحِ الحرائر , و من سِعَةِ رحمتِهِ أنه رخَّصَ فى نكاحِ الإماءِ عند الضرورةِ لذلك .

قالَ اللهُ تعالى { فإذا أْحْصِنَّ فإن أتينَ بفاحشةٍ فعليهن نصف ما على المحصناتِ من العذاب } أى إذا أُحْصِنَّ الإماء بالتزوُّجِ فإن زَنَينَ فحَدَّهُنَّ نصف حَد الحرائر . و معلوم أن حَدَّ الحرائرِ الثيِّباتِ الرجم و حد الحرائر الأبكار جلد مائة و نصفه خمسون جلدة فهو حَدُّ الأمة مطلقاً .

يقولُ اللهُ تعالى { و أن تصبِروا خيرٌ لكم } أى صبركم على نكاحِ الإماءِ خيرٌ لكم من نكاحِهِنَّ و إن رخَّصَ لكم فيه بشروطِهِ السابقةِ ذلك لِما فيه من أضرارٍ بعد تعريضِ الولدِ للرِق .