من الديموقراطية المخادعة الى “مجتمعات الرعب”(2)

 

 

التصنيف : دراسات (:::)

د. الطيب بيتي – باريس (:::)

” …الديموقراطية قيمة حصرية غربية ،فلا تحاولوا إقناعي بأن الفلسطينيين  والعرب ،  وهمج الأسويين، وأمشاج  الزنوج الإفريقيين،وحثالات مدجني أستراليا ونيوزيلاندا وغرينلاند، وسمج لقطاء جزر الكرايبي، يستحقون ان ينعموا مثلنا بمباهج “ديموقراطيتنا” !! ” خطاب السير ونستون تشرشل في مجلس اللوردات البريطاني عام 1949 عقب إنشاء “الغرب الديموقراطي” للكيان الصهيوني”الديموقراطي”

“إذا ما هددت إيران او سوريا او حزب الله  أمن إسرائيل و”ديمقراطيتها ” فسنتخلى عن حيادنا العسكري ،فإسرائيل هي “روحنا” وسر وجود حضارتنا !!! …..”  تصريح المستشارة الألمانية ” إنجيللا ميركل ” التنويرية –الديموقراطية”  في13 من شهرسيبتمبر2013 للصحيفة الألمانية اليهودية  Jewish Voi

مشروع إيصال  الفوضى العالمية الجديدة إلى مداها  في العالم العربي  عام 2014:   عطفا على ما ذكرته في الجزء الأول من هذا المبحث ، في أن العالم  المعاصر ما فتئ  يزداد  ترنحا مع مضي الوقت، تحت قيادة هذه الحضارة الغربية “الديموقراطية” حتى النخاع ، فأصبحت البشرية تعيش ظاهرة متفردة  من الفوضى  والبهيمية  لم تعرفها  البشرية منذ الأغارقة،بسبب مايلي:

-فقدان المفكرين والمنظرين، للمرجعيات القيمية التي تعطي للحياة البشرية القصدية والهدفية والرجاء والأمل والمعنى والخيرالأسمى . -موات  اليقينيات الغربية  لمختلف الرهانات الأساسية لقضايا الإنسانية الكبرى،”بعد  أن أصبحت “قاعدة اللايقين”:هي  المبدأ الذي يحكم سير العالم منذ نهاية الحرب الباردة”-على حد تعبير المكفر الستراتيجي الفرنسي “إيناسيورراموني”  Ramonet Egnacio المؤدية إلى العجز المطلق  للبحوث الأكاديمية  -في كل التخصصات- في مواجهة تفاقم المعضلات الإقتصادية والإجتماعية والفكرية  وإستفحال الحالات المستعصية(السوسيو-سيكولوجية) -مع  فقدان كل الآمال  وإنسداد كل الطرق وإنتفاء الحلول ،مع إنفتاح الأبواب على” الفراغ”وإنغلاق الآفاق المرافقة لطغيان التكهنات ،والإدعاءات، والشعوذات، والهرطقات ،والخرافات الجديدة، والديانات الكاذبة ، والأراجيف “التفلسفوية”، تحت مزاعم  البحث عن “الحقيقة” المتسترة خلف تنظيرات  الرؤى الكونية  الجديدة  العاهرة والترويج ل”العلمويات”الزائفة، و”الديموقراطيات”المخادعة الفوضى العارمة للعالم العربي ل”مابعد الربيع العربي”

أما في العالم العربي فقد وجد ضالته- في بدايات الربيع العربي- في “نوستالجيات” العودة الى “الخلافة الراشدة” بالمسارعة  بإقامة “حكومات إسلاموية”-بدون التدرج في الدعوة والتبليغ والتوعية والمجادلة بالتي هي أحسن بالحكمة والموعظة  والقدوة الحسنة ، بل بالإنتقال المفاجئ  مباشرة إلى  تطبيق “الشريعة الإسلامية”حسب الفتاوى التيمية “السلطانية” المكفرة للامة الإسلامية من “جاكارطا إلى طنجة”بالعمل على الترويج  للأطروحات الجديدة ل”لفقه الأوليات”  المدعمة لما يسمى ب”الفقه المقاصدي” الذي من أولوياته الإنقضاض على  السلطة من أجل ستأصال كل ما هو خارج عن مواصفات” الفرقة الناجية”  بالقتل  وبقر البطون والتفخيخ والذبح وقطع الرؤوس أمام كاميرات العالم واللعب بها مثل الكرة، وإستحلال أعراض المسلمات-الغير السنيات السلفويات-  بفتاوى زولوجية “غابوية” -لانراها حتى في حدائق الحيوانات – ب”شرعية” نكاح العشرات أو الخمسينات  من “العلويات” والمتشيعات والمتصوفات   والنصرانيات  العربيات –حسب ما تفرضه “للضروروات الشرعية  التي تبيح المحذورات” الصادرة عن مفتي المنحرفين “السلفويين الجدد” وبمجرد أن تهاوى  خطاب” الإسلام هو الحل ” –بالمنظور ” الإخواني”-وليس بالمنظور القرآني علما بأن  الإخوانيين لا يمثلون الإسلام او المسلمين- الذي ظل يسطيرعلى الطرح الإخواني  حوالي قرن –أي منذ عشرينات القرن الماضي- حتى  سقط “الإسلامويون”- كلاعبين صغار- في الفخ المنصوب لهم –غربيا-  فذابت أطروحاتهم  في  زمن قياسي مهول لا يتعدى قرابة العام ، عندما تم إختبارهم  في الميدان، بعد أن  أعماهم وهج السلطة وبريق المال، فإزدادوا  تطاوسا وخيلاء وخالوا أنفسهم  ” شعب الله المختار” وظنوا أنهم  قد يفرضون “لعبتهم الغبية القاصرة ،والقصيرة النظر في “لعبة الأمم ” التي يضع شروطها الكبار…،فأبعدوا المقربين من المسلمين من سائر المذاهب والفرق –السنية –بما فيهم المتصوفة والشيعية والخارجية الإباضية –  ،والنصارى العرب من اهل القبلة –الذين يحرم قتلهم أو أداهم إلا بالحق-  وطبقوا المقولة القرأنية الداعية الى “الدفع بالتي هي أحسن”- مع طوائف  أخوتهم المسلمين- مع الكيان الصهيوني ومع عتاة الصلبيين الجدد الممثلون في “الناتو” والتمسح بممولي الفتن وفرقها الضالة،مع تزايد سلوكيات ”  “التدينيات”Religiosité الطقوسية الخشبية  الفارغة !!

وما الذي حدث ،؟فهل وجد عرب الربيع العربي بديلا لسقوط “الإسلامويين “؟ الجواب القطعي، كلا:فقد أصبح العالم العربي في “الزمن العربي” سوقا عكاظية لكل البضائع البالية والرخيصة  والمستحدثة والمستوردة من علمانيات  مبهرجة  و”لبرلات” مبرقعة  لا تجد  لطروحاتها أي سند مذهبي أو معجمي في فلسفات السياسة والرؤئ الإيديولوجية سوى الخبط والتهريج ، تستقي معينها  من أخلاط  نفايات رؤى أنارشيات القرن التاسع عشر، وتصورات “سياسوية براغما تية” نفعية وصولية،

كما أظهرت دراسات ميدانية سوسيولوجية في زمن الربيع العربي ،ما يلي : -تفاقم تزايد موجات الإلحاد الجماعي في “الدول الربيعية ” ودول محافظة خليجية – ذيوع هرطقات روحانيات جديدة مزيفة (تروج لها المحافل الماسونية ) مثل :” مجامع عُبَاد الشيطان ” تدعمها ذيوع  “الإستسراريات” soterismeséو”الخفائيات الجديدة” الوردة علينا من خارج المحيط العربي،-وخاصة من وراء الأطلسي-  التي تروج لها التقاليد الغنوصية التلمودية  اتي ينصح عراب الثورات العربية “اليهودي التلمودي”هنري بيرنار ليفي” في تدريسها في الجامعات الإسلامية،ويضيف “هذا الليفي”: ويستحسن ان يتكلف بذلك حاخامت من تل ابيب –هكذا !-،  والعمل على إخضاع التصوف الإسلامي  الصافي الأصيل إلى قواعد  غرابات  “الإستسرار الغربي المعاصر” وتقعيده  على أصول ومرجعيات غنوصيات الأفلاطونية الحديثة،والتلمودية والقبالة العبرية -الدعوة  الى روحانيات مغلفة بمبرقعات ظاهر”الروحانيات الشرقية المزيفة – تحت دعاوى مواجهة “التطرف والإرهاب ” مثل “البوذيات التيبيتية” ،و”اليوغيات المأمركة”،التي تلقن لنجوم السينما والرياضات المربحة مثل الكرة والتنس  والغولف ،وتيسير إستيعاب البراهماتيات “المأوربة” التي نجد لها نوادي نخبوية خصوصية” في عواصم أوروبا الغربية وخاصة في باريس ولندن وروما ، والترويج الى والنوادي المغلقة “صوفيات إسلاموية “مزورة التي تعقد لها اليوم ندوات عالمية بنيوورك  وأنقرة وإستامبول ومدن عربية عتيقة معروفة بتمظهرات فولكلور”السبحات “و”الجلابيات”الأندلسية، والطرابيش التركية والشامية والمغاربية ،

وكل هذه الهطرقات “الروحانية”العربية الجديدة-المدعية لتجفيف مظاهر ومصادر “التكفير والإرهاب”   تستقي مصادرها المذهبية والمرجعية ومعينها المادي من تل أبيب وعواصم غربية على هدي :”من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”تحت رعاية وترشيد خبراء “مراكز البحوث الغربية الغربية” عبر الندوات الثقافية والتجمعات الدينية  وأخواتها من التظاهرات الفنية في العواصم العربية ”

ماالذي يحدث في العالم الأوروبي”الديموقراطي”  المشاطئ للجغرافية العربية في الشمال الموسر؟

– لم  تنفع مساحيق الإحتفاليات الهيستيرية  في العواصم الغربية  في سترالنهايات الملغوزة لعام 2013 على المستوى الدولي،  أو إخفاء أعراض المخاوف  من المجهول  ،فقد طغت مظاهر الإرتعاب في ال  من كوابيس إحتمالات مفاجآت المزيد من الأزمات المالية الأمريكية  والأوروبية التي كشفت عنها تقلص مشتريات هدايا أعياد آخر السنة لهذا العام  ، -إنشغال المفكرين الستراتيجيين بالمشاريع الهجومية الغربية الكبرى –لعام 2014 المستجيبة لجشع الأوليغارشية المالية المصرفية  العالمية، المتصرفة في صعود وهبوط حركات البورصة في العواصم الغربية الكبرى،حيث تم الإعلان عن تفاحش أثمنة الأغذية الشعبية ، بدعوى أكذوبة  نذرة المحاصيل الفلاحية، التي تحتاجها البلدان الفقيرة لعام 2014،بسبب التلاعب بأثمنتها–لابسبب بسبب شح المنتوجات الفلاحية، أو نضوب مصادرها مادام الغرب هو المسيطر الأوحد على أغنى المناطق الزراعية في العالم منذ عام 1800 ،وإستمر في ما بعد مهزلات الإستقلالات  في إستغلال  الأراضي الصالحة للزراعة ووئد أتربتها بالمبيدات الكيماوية التي تفرضها مافيات  “مجموعة بروكسيل ” الزراعية على الدول النامية  ومحاربة المشروعات الزراعية الصغيرة الوطنية بخلق كل العراقيل الممكنة  لمنع تصدير منتوجاتها  ومنع بعض  الدول الفقيرة في “تأميم” أراضيها الفلاحية ، – سيعمل الغرب على  إستكمال مشاريع  تفقيرالشعوب الضعيفة الذي تم التخطيط له منذ إعلان “النظام العالمي الجديد” في نهاية التسعينات حيث من المنتظر المسارعة الى المزيد من التجويع  في العالم عبرالتلاعب بأسعار المنتوجات الأساسية والضرورية للفقراء،بهدف إختلاق كوارث إجتماعية

– إحياء الفتن العرقية والدينية  في المجتمعات “اللاغربية” من أجل الإنشغال بالمعضلات الداخلية والتعامي عن المخططات الخارجية – تعميق تقنيات زج البشر في انواع جديدة من الفوضى القادمة بالوسائل الإعلامية الجهنمية الجديدة المدمرة للعقل والتفكير،وحشرها في “الفانتزمات المرضية” بغية  الإنشغال بذهنولوجيات  كل انواع القصف الرفث والخنا  ،للإكتفاء بالعيش في العوالم الوردية لإيروتيكيات الخنا المستشيطة،المرافقة لنزوعات الإبداعات المنحطة-شكلا ومضمونا- حتى أصبحت القاعدة الإبداعية الكونية اليوم هي:الغلاظة،الغرابة ،السماجة،الهبوط ،القذارة،والإنحطاط المؤدية في النهاية إلى اللامعنى، اللاغاية، اللاقصد واللاهدف !

للبحث صلة-