قضية فلسطين لم تعد على قائمة اولويات واشنطن

الرابط : سياسة واخبار (:::)
بقلم ميتشل بليتنيك/وكالة إنتر بريس سيرفس (:::)
الفسطنييون يعتبرون الأنفاق مخرجهم الوحيد إلي العالم.
واشنطن, فبراير (آي بي إس) – قوبل التفاؤل الذي أعرب عنه الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير الخارجية الجديد جون كيري بشأن إعادة تحريك عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين بكثير من التشكك من جانب المراقبين والخبراء المخضرمين في شؤون الشرق الأوسط.

فقد قال كيري لمجلس الشيوخ في جلسة تأكيد تعيينه، “أدعو الله أن تكون هذه هي اللحظة التي من شأنها أن تسمح لنا بتجديد الجهود الرامية إلى إعادة الطرفين إلى طاولة المفاوضات وإنتهاج طريق مختلف عن السنوات القليلة الماضية. وأود أن احاول فعل ذلك”.

فمنذ إعادة انتخابه، سجلت وسائل الإعلام الأمريكية جدلا مكثفا حول ما إذا كان أوباما سيعيد الإنخراط في جهود السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. فغالباً ما يقوم الرئيس بجهود أكبر في إطار السياسة الخارجية في ولايته الثانية، التي يتمتع فيها بالمزيد من الحرية، نظراً لعدم قلقله بشأن إعادة انتخابه في نهاية فترة ولايته.

ومما زاد التكهنات بأن أوباما قد يبذل جهداً كبيراً في مفاوضات السلام بين اسرائيل وفلسطين هو مرشحوه للمناصب الوزارية الرئيسية: جون كيري لمنصب وزير الخارجية، وعضو مجلس الشيوخ السابق تشاك هاغل لمنصب وزير الدفاع.

فعلى الرغم من الاعتراف على نطاق واسع بأن جون كيري من المؤيدين بقوة لإسرائيل، إلا أنه اطلق إنتقادات حادة في الماضي حول سياسة إسرائيل المتعلقة بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

أما هاغل فقد واجه معارضة أكبر بكثير في هذا الشأن. وتنبع المعارضة ضد هاغل من مقابلة أجراها عام 2006 حيث قال أن “اللوبي اليهودي … يخيف الكثير من الناس (في الكابيتول هيل)”، و “أنا لست سناتور إسرائيلي. أنا سيناتور للولايات المتحدة “.

لكن على الرغم من خيارات أوباما للمناصب الرئيسية، وبيان البيت الابيض الذي أوضح أن الرئيس قد تعهد “بالعمل بشكل وثيق مع إسرائيل على جدول أعمالنا المشترك من أجل السلام والأمن في الشرق الأوسط”، وبالرغم من مكالمته التي هنأ فيها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على إعادة إنتخابه الاسبوع الماضي، إلا أن القليلون يرون أن هناك إمكانية قوية لأن تبذل الإدارة الجديدة الكثير من الجهد في هذا الصراع الشائك.

ويقول مارك بيري، المدير المشارك السابق لمنتدى النزاعات بواشنطن، والمتواجد حاليا في بيروت، لوكالة إنتر بريس سيرفس، “لا أعتقد أن السيد أوباما يكذب بشأن نواياه، فالمسألة ببساطة هي أنه مطلوب منه أن يقول انه سوف ينخرط مجدداً”.

وأضاف أن “الجواب الآخر الوحيد الممكن هو: لقد مللت من هذا الصراع، وسيتعين علينا أن ننتظر القيادة الإسرائيلية الجديدة “-وهو أمر كان لا يجرؤ على قوله. ويركز أوباما على الشؤون الداخلية -والتي سوف تتطلب جل إهتمامه. وهو بحاجة لكل صوت يتمكن من الحصول عليه من أجل تمرير برنامجه المحلي، ولن يقوم الرئيس بإغضاب الجمهوريين المحافظين والديمقراطيين من خلال فرض المطالب على اسرائيل “.

وفي حديث لها بواشنطن تم بثه على الصعيد العالمي الثلاثاء الأخير، أعربت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون عن تفاؤلها.

وقالت كلينتون، “في الواقع أنا أعتقد أن هذه الانتخابات تفتح الأبواب، ولا تجعلها مغلقة بإحكام. وأنا أعرف أن الرئيس أوباما، وجون كيري ، الذي سيصبح قريباً وزير الخارجية، سوف يتابعان ذلك، وسوف يبحثان عن أية فرصة ممكنة … فبطريقة ما، علينا أن نبحث عن سبل لإعطاء الشعب الفلسطيني الطريق إلى السلام والازدهار، وإقامة الدولة التي يستحقونها وإعطاء الشعب الإسرائيلي الأمن والاستقرار الذي يريدونه”.

وأضافت، “أعتقد أن ذلك ما زال ممكنا، وأستطيع أن أؤكد لكم أن الولايات المتحدة في عهد الرئيس أوباما سوف تستمر في بذل كل ما في وسعها لدفع الأطراف نحو حل ما”.

أما يوسف منير، المدير التنفيذي لصندوق القدس، فقد أشار في حديث في مركز فلسطين بواشنطن، إلى أن الاحتلال الإسرائيلي والتوسع الاستيطاني المستمر كان مسألة ثانوية جداً في الانتخابات الاسرائيلية.

وأوضح قائلا أن قضية السلام تتلاشى لأن تكلفة الاحتلال أصبحت محتملة بالنسبة لإسرائيل وليس هناك دافع (للتغيير) ما دامت التكاليف منخفضة… والسؤال الذي يحتاج لطرحه على واشنطن هو كيف يمكننا خلق حوافز حتى يصبح إنهاء الاحتلال حقيقة واقعة. لأننا إذا واصلنا دعم كل ما تفعله إسرائيل … لا يمكننا أن نتوقع حدوث ذلك.

وبدوره، قال بي جي كراولي، المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية الأمريكية، وهو يتحدث في مركز فلسطين بواشنطن، أن قضية إسرائيل وفلسطين لم تعد هي المشكلة الإقليمية الأولى كما كان الوضع من قبل.

وأوضح كراولي، “في عام 2009، جاء الرئيس أوباما للرئاسة وهو يعلم أن القضية الاسرائيلية الفلسطينية هي المحرك الرئيسي في المنطقة. كنا نعتقد أن هذا صحيح في عام 2009، لكن هذا ليس صحيحا في عام 2013 “.

وأضاف، “هناك لاعبين جدد في المنطقة، مع استبدال (حسني مبارك) بالرئيس محمد مرسي، الذي كان مفيداً في إنهاء القتال مع حماس، ولكن لديه وجهة نظر مختلفة تماماً للقضية الفلسطينية ودينامياته المحلية مختلفة جداً. وهناك الملك عبد الله الثاني ملك الأردن الذي لديه 700,000 لاجئ سوري. هكذا نزلت قضية إسرائيل وفلسطين من أعلى قائمة الأولويات”.

هذا وقد ركز الآخرون على القضايا الشخصية بين أوباما ونتنياهو. فقال مارتن إنديك، السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل، إن الزعيمين لديهما “كيمياء سيئة” بينهما. وردد ذلك السفير الأمريكي السابق لدى المملكة العربية السعودية، شاس فريمان، الذين ألقي اللوم بشأن التوتر على نتنياهو بشكل مباشر.

وقال فريمان لوكالة إنتر بريس سيرفس، “بصراحة، أنا أشك في أن أوباما .. قد يستثمر الكثير من الجهد في دعم أو معارضة إسرائيل نتنياهو الآن. فقد عمل نتنياهو على تخريب دفء العلاقة بين حكومته ونظيرتها الأمريكية، مما ترك أوباما بدون أساس للتعامل السياسي معه غير المواقف التي يتخذها للتأثير السياسي الداخلي فقط”.

ومن جانبه، لخص جون ميرشايمر، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة شيكاغو ذلك التشاؤم، بقوله لوكالة إنتر بريس سيرفس، “سوف يقوم أوباما بالتأكيد بالإجراءات التي تجعله يبدو وكأنه جاد في دفع عملية السلام إلى الأمام.

ثم شرح، “ومع ذلك، سأكون مندهشا للغاية اذا قام بجهد جدي للوصول إلى حل الدولتين، وذلك ببساطة لأن الإسرائيليين قد علموه في ولايته الأولى أنهم هم الذين يديرون عملية السلام، وأنهم لا يرغبون في السماح للفلسطينيين بأن تكون لهم دولتهم الخاصة. ولم يحدث أي شيء في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة لتغيير هذه الدينامية”.(آي بي إس / 2013)