جمهورية المحله الديمقراطيه

الرابط : فضاءات عربية :
بقلم: د. وجيه الجوهري- الولايات المتحدة:
إنضمت مدينة المحلة الصناعية في وسط دلتا مصر الى ركب الفرسان الجامحة التي أطاحت بالرئيس المصري وشرعيته في ميدان التحرير والإتحادية وفي عقر داره في الشرقية والمقطم. المحلة أعلنت استقلالها لتنضم بذلك الى جمهورية تكساس وكارولينا الشمالية وغيرها ممن لم يعجبهم حكم أوباما وسياسته.
هذا الحدث ليس بجديد في عالمنا العربي فقصة جنوب السودان ليست ببعيدة.. ولكن، من مصلحة من هذا التفكك؟ من أين لمدينة المحلة أن تقيم دولتها؟ وهل ياترى هي أصغر من الفاتيكان أو موناكو؟ ماذا عن رئيس دولة المحلة؟ هل سيكون شوقي غريب أو جابر عصفور أو آل أديب( عمرو وعماد أديب) نسبة لنشأة الأب في المحلة الكبري؟ للمحلة دور كبير في الكفاح الوطني، ولم تكن بدايتها مع حركة 6 أبريل/ نيسان بل تعدت ذلك بكثير.. إني أتذكر مقولة كمال الشناوي في فيلم الكرنك:” كنت بتعمل إيه في المحلة؟”..
مدينة المحلة الكبري هي إحدى مدن محافظة الغربية؛ هذه المحافظة التي تضم مدينة طنطا وكفر الزيات وزفتى .. وما أدراك ما هي زفتى! ففي عام 1919 أعلنت زفتى استقلالها قبل المحلة بكثير، ولكنها إستقلت عن الاحتلال الإنجليزي وليس عن دولة مرسي أو الإخوان.. في 18 مارس/ آذار 1919 أعلنت مدينة زفتى إستقلالها وأصبحت بقدرة قادر جمهورية مستقلة برئاسة يوسف الجندى حاكم الجمهورية الجديد.. وكان السبب هو إعلان الحرب الدائرة بين عائلات زفتى: الرويني وأبو الخير وموسى والبنهاوى ويونس ومدكور والقرشاوي .. ولخطورة الموقف القائم في زفتى المجاورة للمحلة أعلنت قطور خلع السير عباس لتهدئة حالة الهيجان والثورة في ميدان التحرير، والإتحادية، والشرقية! في 21 مارس/ آذار 1919 قامت الدولة التي لا يغيب عنها الشمس بتعيين الجنرال اللنبي ولم تزل حالة الفوضى سارية وخاصة بعد لجؤ البساينة إلى تخريب الطرق وقطع خطوط الأتصالات وأسلاك التلغراف وأعمدتها الأمر الذي أجبر بريطانيا العظمى في 17 من أبريل/ نيسان 1919 للإفراج عن أشهر عائلات زفتى الرويني وأبو الخير وموسى والبنهاوى ويونس ومدكور والقرشاوي وعائله بلطيه.
من جمهوريتي المحلة وزفتي ننتقل الي الرئيس المصري الذي بشره الفنان محمد صبحي قبل أن ينتخب بأن الرئيس القادم حظه “مهبب” أي حظه أسود مثل الخروب. تفاعلت أحداث الدستورية وغضبت المعارضة وقتل من قتل وجرح من جرح، ونالت يد المعارضة من قصر الإتحادية ومقر الإخوان في المقطم وغيرها وصولًا إلى عقر دار مرسي في الشرقية وأصبحت الدولة في حيص بيص. إنضم بعد ذلك الكثير من القوى الداخلية والخارجية لتفعيل دور الديمقراطية والحوار.. وقد كان للجيش المصري رد ناعم وحكيم بأنه لن يقف مكتوف الأيدي وعلى القوى السياسية أن تحل المشكلة بالحوار. أخيرًا وبعد تعنت من الرئيس مرسي والإخوان، فقد ألغى الرئيس المصري الإعلان الدستوري الذي أصدره في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي الذي مُنح بموجبه صلاحيات استثنائية أدت إلى أزمة سياسية حادة قادها البرادعي والصباحي وموسى وجمهورية المحلة الديمقراطية. مرسي لم يحل المشكلة كلها فقد أبقى الاستفتاء على “مشروع الدستور” في موعده المحدد. طبعًا لن يرضي ذلك أحدا وقد يضطر إلى إلغائه أيضًا.. وبذلك سيكون مرسي مثل ملكة بريطانيا يسود ولا يحكم. ألف ألف مبروك يا أخ مرسي.
أخيرًا.. ذهبت هيبة الدولة مع ضياع الأمن وإنتشار البلطجة وتحكم الأقلية في الأغلبية وتمتع الفلول بمنتزه طرة السياحي.. لن تكون للدولة هيبة إلا برجوع رجال الدرك أو الشرطة ليمارسوا عملهم بأمانة، وأن تنتهي سرقات السيارات، والتحرش الجنسي. القوة الحقيقية في مصر الآن هي الجيش، والسبب وراء هذه الميزة هي حيادية الجيش فهو لا يعرف أحمد أو إزدحمد.. وربنا يجعله عامر.
___________________________
welgohary@capellauniversity