اللاجئون الفلسطينيون : من العراق الى البرازيل

الرابط : دراسات :
المشردون يعبرون المحيط بحثا عن ملجأ جديد :
بقلم فابيولا أورتيز/وكالة إنتر بريس سيرفس
ريو دي جانيرو, سبتمبر (آي بي إس) – عصام علي حسن يقاسي من حياة محفوفة بعدم اليقين وعدم الإستقرار، كأمثاله من اللاجئين. كان يعيش كلاجيء في بغداد لكنه إضطر إلي الرحيل عندما غزت الولايات المتحدة العراق في عام 2003.

قضى عصام علي حسن أكثر من أربع سنوات في مخيم على الحدود الأردنية، إلى أن سافر إلى البرازيل بعد أن قبله برنامج إعادة التوطين التضامني الذي تنفذه حكومة الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف بدعم من مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

لم ينس عصام علي حسن -وعمره 30 سنة- حالة الكرب والشعور بالوحدة واليأس التي عاش فيها في مخيم رويشد الصحراوي الواقع على بعد 70 كيلومترا من الحدود مع العراق، حيث شاطر المشقة والخيام المؤقتة مع غيره من الفلسطينيين والصوماليين والإيرانيين والأكراد والسودانيين والجزائريين.

يوافق عصام على حسن علي سرد روايته لوكالة إنتر بريس سيرفس، لكنه يرفض إلتقاط أي صورة له.

فيسرد: “إضطررت إلي الرحيل (من بغداد) في عام 2003، بعد مجرد 15 يوما علي بداية الحرب. من الصعب جدا أن أنسي تلك الفترة لأنني عانت الكثير.. فيها عشت في المخيم.. بدون عمل أو دراسة .. بعيدا عن أسرتي ومحروما من أي اتصال مع العالم الخارجي”.

العديد من اللاجئين من مختلف البلدان، والذين قضوا سنوات طويلة أثناء الحرب علي العراق، فروا إلى الأردن، لكنها رفضت دخولهم إلي أراضيها. وتقطعت السبل بالاف منهم في الصحراء، فين حين إنتهي الحال بالبعض منهم في مخيم رويشد.

وعلى الرغم من كل الجهود التي بذلتها مفوضية اللاجئين، إلا أن المخيم عاني ظروفا فريدة من نوعها من العزلة.

كانت درجة الحرارة في صيف الصحراء تبلغ داخل خيام اللاجئين 60 درجة مئوية. وفي الشتاء، كانون يعانون جميعا من البرد القارص. لا كهرباء.. والماء والغذاء يوزعان في حصص.

فيتذكر عصام علي حسن أن البقوليات كانت تقدم لنا ثلاث مرات في الأسبوع.. ثم انخفض توزيعها إلى مرتين. ولشراء المواد الغذائية عملت الناس في تنظيف المراحيض وغيرها ..

وليلة ما، إندلعت النيران في إحدي الخيام، وحرقت طفلة في الخامسة من عمرها حتى الموت.

ويستطرد عصام علي حسن: “عندما أتكلم، تتكرر هذه المشاهد أمامي كالفيلم.. لا أريد أن أتذكر، لكنني لا يسعني سوي أن أتذكر.. كنت أريد أن ينقذوني أي أحد من تلك الأرض..كان الجميع يريدون الرحيل والبحث عن بلد غني يساعد اللاجئين، مثل أستراليا والسويد والنرويج وكندا”.

“ثم جاء الضوء من البرازيل.. وركضت وراءه.. كنت بلا أمل… كانت أحلامنا قد تلاشت”.

في أكتوبر 2007، إنضم عصام علي حسن إلي مجموعة من 108 فلسطينيا مخيم رويشد إلي البرازيل. وفي يوم 5 نوفمبر من ذلك العام، تم إغلاق المخيم لدي رحيل آخر عائلة.

كانوا هؤلاء اللاجئون الأوائل من خارج أمريكا اللاتينية الذين يستفيدون من برنامج إعادة التوطين المقترح كواحد من الحلول الدائمة بموجب “خطة عمل المكسيك لتعزيز الحماية الدولية للاجئين في أمريكا اللاتينية” التي اعتمدتها 20 دولة في هذه المنطقة في عام 2004.

فرحل جانب من هذه المجموعة الفلسطينية، بما فيهم عصام علي حسن، إلى ولاية ريو غراندي دو سول في أقصى الجنوب البرازيلي، بمساعدة جمعية اليسوعيين “فييرا أنطونيو”، فيما رحل آخرون إلي نفس الولاية بمساعدة من جمعية “كاريتاس” البرازيل.

إستغرقت رحلة عصام علي حسن حوالي 20 ساعة للوصول إلي بورتو أليغري، عاصمة ولاية ريو غراندي دو سول، بصحبة 50 فلسطينيا معظمهم من الرجال غير المتزوجين والمعدومي الأسرة.

وكانت في إستقبالهم السلطات ومفوضية اللاجئين والمجتمع المحلي العربي. وقضى عصام علي حسن شهرا في كنيسة، حتي تم منحه شقة صغيرة وبدلا شهريا يعادل 170 دولارا لمدة عامين. فيواصل: “تعلمت أن أتكلم البرتغالية في العمل.. دين مختلف.. عادات مختلفة.. طقس مختلف.. واللغة صعبة”.

قام عصام علي حسن بجولة واسعة في جغرافية البرازيل بحثا عن عمل، حملته من بورتو أليغري إلى ريو دي جانيرو، وساو باولو، وولايتي ماتو غروسو في الغرب، وروندونيا شمال غرب البلاد. وعمل كحارس أمن في متاجر ملابس ومصانع تجهيز اللحوم والدجاج.. ثم في مطبخ مطعم عربي.

ثم عاد إلي ريو دي حانييرو، ليعيش حياة مستقرة. فقد إستضافته عائلة زوجته البرازيلية من أصل عربي، وهي حامل في طفلها الثاني. ومنذ عام ونصف عام، يملك عصام علي حسن متجرا صغيرا لملابس الأطفال في حي ريو تيجوكا، ويشعر بالفخر لأنه بناه بيديه.

والآن يسعي إلي تسوية أوضاعه للتمكن من زيارة أشقاؤه السبعة الذين يعيشون في السويد والنرويج واليونان والأردن، وأمه وأخته في العراق.

وفي تصريح لوكالة إنتر بريس سيرفس، أفاد المتحدث باسم مفوضية اللاجئين، لويس فرناندو جودينهو، أن برنامج إعادة التوطين التضامني يوفر تغطية (مساعدات) لمدة سنتين، لكن هذه الفترة قد تمتد في بعض الحالات إلي أربعة أعوام، وفقا لدرجة الاندماج في المجتمع.

وأخير تجدر الإشارة إلي أن اللاجئين في البرازيل -التي تأوي أكثر من 192 مليون نسمة- يتمتعون بنفس الحقوق الأساسية المضمونة للمواطنين البرازيليين ويحصلون على كافة الخدمات العامة والتعليم والصحة.(آي بي إس / 2012