سقوط استراتيجية الاحتواء والقطب الاوحد

الرابط : سياسة واخبار :
كتب : يعقوب شيحا – واشنطن :
بعد أن تمكنت أمريكا من إضعاف روسيا، حيث انفصلت عنها العديد من الدول وخاصة الإسلامية واستقلت، ثم استطاعت أمريكا بضرب روسيا في أفغانستان وهزيمتها بسلاحها لا برجالها، حيث استطاعت تجنيد الجماعات الإسلامية (طالبان) بقيادة “بن لادن” وثم القضاء على عشرين الف جندي سوفييتي، مما حدا السوفييت بالإنسحاب من افغانستانن وهكذا أصبح اللاعب الوحيد في العالم هو (أمريكا) وهو الغرض النهائي لها لتحقيق الهيمنة، وتصبح القطب الأوحد الذي يدور الباقون من حوله ووسيلتها في ذلك القوة العسكرية.
وهناك قوة أخرى تستعملها أمريكا غير قوة السلاح وهي عن طريق تقديم المعونات وبسط نفوذها وسماع كلمتها كما يحدث في مصر الآن، وتوريط العديد من دول العالم وخاصة الدول النفطية في صراعات داخلية مما يدعوها لشراء السلاح الأمريكي بالمليارات وهذا يضعف الجبهات الداخلية حيث تتوقف عجلة التنمية ويصبح الغالبية من الشعب بحاجة لوظيفة أو مهنة يعتاشون منها .
وقد اندفعت الولايات المتحدة الأمريكية بعد سقوط القطب المنافس لها وهو الإتحاد السوفييتي، لغرض استراتيجية الهيمنة تحت شعارات مختلفة، كالعولمة والديمقراطية ومكافحة الإرهاب في عقر دراه، ثم الأسواق الحرة والسماوات المفتوحة، زاعمة أنه من ليس معنا فهو ضدنا متجاهلة الشرعية الدولية كما فعلت بالعراق ومتجاهلة كل الهيئات الدولية، ودخلت إلى أفغانستان وتورطت ولا تدري كيف تترك العراق وأفغانستان وجنودها يوميا يُقتلون هناك، وما زالت تحلم بالهيمنة على كل شعوب العالم.
لقد ورّط جورج بوش أمريكا في هذه الحروب وتحملت الميزانيات العسكرية فوق طاقاتها زاعما أن إلهاما سماويا طلب منه ذلك، وأنه يريد القضاء على “التتار ويأجوج ومأجوج” قبل وصولهم هنا حسب قراءته للإنجيل والتوراة وجعل دول العالم وشعوبها ينظرون إلى أمريكا بحذر بعد أن شوّه سمعتها مرددين أن هذه هي الديمقراطية الأمريكية في العراق “دمار، قتل وتشريد”.
وعلى الرغم من ترديد الإعلام الأمريكي الخوف من أن تصل إيران لعمل القنبلة الذرية، مع العلم أن اسرائيل لديها ثلثمائة راس نووي كما أعلن كذلك الهند وباكستا، وجاء الدور الآن على كوريا الشمالية، حيث أضافتها في كشف دول “محور الشرّ” جنباً إلى جنب مع إيران، والذي جعلها تخشى الدولتان مع العلم أن دولا أخرى تملك مثل هذه الأسلحة، فقد قامت كوريا الشمالية بإطلاق عددا من الصواريخ البالستيه بعيدة المدى والتي يبلغ مداها حوالي 1200 كم، وبهذا تكون “هاواي وألاسكا” في خطر الإصابة المباشرة، وكانت كوريا الشمالية قد أعلنت أيضاً عن صاروخ يبلغ مداه 300 كم وآخر يبلغ مداه 500 كم، وخطر هذا الصاروخ أنه يمكنه نقل رأس تقليدية أو نووية إلى عمق الولايات المتحدة، الأمر الذي دفعها إلى التهديد وأثارة عدم الإستقرار في العالم بوجه عام وفي الشرق الأقصى بوجه خاص، متخيلة أنها القطب الأوحد وأنها الوحيدة التي تأمر كي تطاع .
وحين تنظر الولايات المتحدة حولها تجد أنه ليس من الممكن فتح جبهات جديدة، ويكفي ما تلاقيه في أفغانستان والعراق، وقد تحركت مجموعات معادية لأمريكا في هذه المناطق حيث وجدت ضالتها في تحديها لأمريكا وخاصة إيران الجارة لتثار منها، لهذا تعلمت أمريكا الدرس وبدأت تحاور الأطراف المعنية بعد أن غرقت في المستنقع الذي ورّطها فيه جورج بوش .
إن غرور القوة يدفع صاحبه إلى الهلاك وقد تدفعه إلى قاع الوجود، وعليه أن يتذكر ” إن كانت قدرته على ظلم الناس، فليتذكر قدرة الله عليه” .
ولذلك فإن استراتيجية الاحتواء الامريكية وسياسة القطب الأوحد سوف تعيد امريكا إلى الوراء، فكم من حضارة سادت ثم بادت، والعودة لِما وهبنا الله إياه عبر رُسله وهو أسلم طريق لحياة الخير والسلام والمحبة.