تأويل العقل العربي ( من مهد الحكاية إلى تنافي الخطاب ) المؤلف : د . بليغ حمدي اسماعيل

صدارات ونقد ….
الناشر : وكالة الصحافة العربية ( ناشرون ) ـ القاهرة . …
سنة النشر مارس 2021
صدر كتاب ( تأويل العقل العربي .. من مهد الحكاية إلى تنافي الخطاب ) للدكتور بليغ حمدي إسماعيل أستاذ المناهج وطرائق تدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية بكلية التربية جامعة المنيا ، عن وكالة الصحافة العربية (ناشرون ) بالقاهرة في مارس الجاري 2021 ، وهو كتاب يتناول راهن الفكر العربي المعاصر ، حيث تحتاجُ مجتمعاتنا العَربيَّة والإسلاميَّة إلى خطابٍ إسلاميٍّ جديدٍ ، وليس مجرد التَّطوير في مظهرِه القَائم على فِكرةِ الطلاءِ الخَارجيِّ ، وإنما يَتطلَّب فِعل التَّجديدِ تغييرا نوعيًّا في بنيةِ الخِطابِ وأولوياتِه ، وموضُوعاته ، ومن ثمَّ إعادة صيَاغةِ أطروحاتِه ، وتجديدِ وتحديثِ تقنياتِ هذا الخِطَابِ ووسَائِله ، والأهم مِن ذَلك تَطويرِ قُدراتِ حَامِلي هذا الخِطَاب ومنتجيه أيضا ؛ من أجل تلبيةِ احتياجات الفردِ والمجتمعِ في ظل الظروفِ الآنيَةِ ، والإحدَاثيات المُتسَارعَةِ الراهنةِ ، واستجابة للتَّحديات التي تواجه المجتَمعَات العربيَّة ، في سياقِ حركةِ تفاعلِها مع مَا يَجري حولها وفق مُعطَياتِ التَّثوير التُّكنُولُوجي من نَاحية ، والتَّوجُّهَات المعرفيَّة المُعاصِرة من ناحيةٍ أخرى .
ولِهذه الأسباب ، دَعت الحَاجة إلى خطابٍ دينيٍّ بنائيٍّ وليس إنشائيا ؛ يدفع حركةَ المجتمع عبر الفرز بين قيمِ التَّحلِّي وقِيم التخلِّي ، ويسعى ـ هذا الخطابُ الدينيُّ ـ إلى إدراك سننِ التَّغيرِ الحضاريِّ ، بحيث يعيد للإنسانِ المسلم دوره وفاعليته وحُضوره في حَركةِ المجتمعِ ، وهذا الخِطابُ ينبغي أنْ ينبعَ أولا من طبيعةِ الإسلامِ الذي ينطوي على دَعوةٍ مستدامةٍ إلى التَّجديدِ ، والتَّجديدُ لا يعني تغيير جوهرِ الدِّينِ أو أصوله ، وإنما يعني إعَادته إلى النَّقاءِ الذي كان عليه يوم نشأتِه ؛ حيث الأصالة الفكرية لأركانِهِ وثوابتِه ، عن طَريقِ تَجديدِ الإيمَان به والالتزام بتعاليمه الصحيحة بعيدًا عما قد يعتريها من لَغطٍ وشوائب ، فَضلا عن قدرتهِ على استيعاب مُستجداتِ العَصرِ وتَوجهاته المعرفيَّة المعاصرة ، وما تحمله من قضايا لم تكن معروفة من قبل ، وهي بذلك بحاجة إلى بيان وتوضيح موقف الدين منها .
لذا تجدر الإشارة إلى أن المقصودَ بالتجديدِ هنا هو تجديد الخطاب ِوالفكر الإسلاميِّ ، ويحسن التَّمييز بين النَّصِ الدينيِّ من ناحية ، والفكر والخطابِ الدينيِّ من ناحيةٍ أخرى . فالنص يتمثل في القرآنِ الكريمِ والحديثِ الشَّريفِ الصَّحيحِ والثَّابت وهما أصلان يتسمان بالثبات المطلق والأصالة ، وهو نص يحمل بين طياته التجدد التلقائي ، الأمر الذي يسمح له بالوفاء بالاحتياجات الطارئة والمستقبلية . أما الخطَاب الديني ، فهو ما يتعلق بالفكر الذي اجتهد في استنباط أحكامه من النص الثابت، وهذا الخطاب هو أولى بالتجديد نظرًا لعوامل أعاقت تجديده وتطويره. ووفقًا لهذا ، فإنَّ التَّجديدَ لا يعني المَساسَ بثوابتِ العقيدةِ والعباداتِ ونصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، إنما يعني إعمال العقل في المشكلات المعاصرة لاستنباط الأحكام الشرعية المُناسبة ، والحلول الملائمة لوضع الأمة الإسلامية على طريق النهوض الحضاري .
ومن هنا تأتي فكرة هذا الكتاب وهدفه كمحاولة جادة لتطوير الخطاب الديني من خلال ثمة محاور رئيسة ؛ رصد وتحليل المشهد الراهن وما يتزامن معه تاريخيا من حركات وتيارات إسلامية ، وتأويل الطروحات الأيديولوجية التي جاءت بها دعوات الإسلام السياسي ، ثم الانطلاق من تفكيك خطاب التطرف والإرهاب إلى إيجاد صورة صالحة للتطبيق من أجل تطوير الخطاب الديني في ضوء ثوابت الشريعة الإسلامية الصحيحة .
ويقع الكتاب في 245 صفحة ويتناول بالرصد والتحليل الحركات الإسلامية في الوطن العربي منذ عام 1928 وحتى وقتنا الراهن ، وتجربة الدولة الإسلامية في الشرق الأوسط ، وقراءة ناقدة لفكر وأيديولوجيات تيارات الإسلام السياسي ، ثم طرح مبادرة لتجديد الخطاب الديني في ضوء ثوابت الشريعة الإسلامية الصحيحة .