في أسئلة الرواية والتاريخ / بقلم : حمود ولد سليمان

فن وثقافة ….
بقلم : حمود ولد سليمان “غيم الصحراء” …
(1)
الواقع العربي الراهن وما رافقه من تحولات يطرح العديد من الأسئلة أمام الكاتب العربي .المسكون بهاجس السؤال بغية فهم افضل لما يجري حوله وتجريب اشكال جديدة في الكتابة اكثر حرية واوسع أفقا.لذالك ليس غريبا ان يلجأ الكاتب العربي الي مناطق مريحة اكثر هدوءا وبعدا/من الواقع ومناطقه المحرمة والحساسة .
الروايه التاريخيه أصبحت اليوم تفرض نفسها ولها جمهور لابأس به في كل أنحاء العالم العربي .
من المعروف أن الروايه التاريخيه ظهرت أول ما ظهرت مع ولتر اسكوت وفي عالمنا العربي كانت بداياتها الأولي مع روايات تاريخ الإسلام لجرجي زيدان .
وبعد ذالك ظلت تتراكم متطورة مع كتاب عديدين : الغيطاني , وامين معلوف وواسيني الاعرج وغيرهم الي ان اصبحت مدونة سردية متميزة تسعي لأن تكون جنسا ادبيا له خصائصه وسماته وأسئلته
.
ربما يكون السر في رواج الرواية التاريخيه السأم من الواقع و الحنين للماضي .
وربما يكون للسينما دور في اكتساح الروايه التاريخيه الساحه ذالك لان الروايه التاريخيه ماده صالحة للتمثيل وتحظي بتقدير كبير لحضور المكون الذاتي التاريخي فيها .
الروايه التاريخيه تحمل في عمقها نوعا من التقدير والاعتراف بالتراث ويمكن ان نعتبرها نوعا من ما اسماه الجابري ( التخطيط لثقافة الماضي ) لانها عودة الي التاريخ بشغف ومساءله عميقة له للامسالك بالعناصر التي غفل عنها بغية ترهينها وجعلها معاصرة ومحاولة كشف انساقها في حياتنا لفهم الحاضر
(2)
تلتقي الرواية والتاريخ في اكثر من منحي وان كان التاريخ يختلف عن الرواية لأنه وقائع حدثت في الماضي لادخل للخيال فيها .والرواية تخيل وان استأنس بالتاريخ واحتضنه فإنه يبقي علي المسافة بين الادب والتاريخ . وفق اعادة البناء /للحدث التاريخي وترهينه . لذالك
, تأخذ الروايه التاريخيه من التاريخ مادعت اليه مدرسة الحوليات الفرنسيه 1929الجانب الذي يهتم بكتابة تاريخ الهامش والمغيب وماهو غير مدون .
الرواية التاريخية العربيه وان كا نت تنفتح علي مدرات التاريخ مع ذالك لايمكن ان نفصلها عن جذور الكاتب وتجربته ووعيه مثلا : الأمير : لواسيني الأعرج لايمكن أن نعزلها عن السياق الذي قام بعد احداث 11سبتمبر , حيث تغيرت رؤية العالم تجاه العرب والمسلمين ونفس الشيء عند العرب وبالتالي دخلنا في معركة المفاهيم ( حوار الحضارات ) الامر الذي انعكس في خطاباتنا الدينيه والفكريه والادبيه , من هذه الزاويه قد تكون رواية الامير تلج التاريخ لتقدم الاعتذار للآخر .
وربما تكون سعيا من الكاتب لتوسيع دائرة نفوذه للحصول علي العالميه ومع ذالك تبقي الرواية محصلة وعي له تاريخ مع العنف الذي عرفته الجزائر في الثمانينات وعرفه الكاتب الذي تعرض لمحاولة اغتيال وظلت تيمة الموت والعنف تتصارع في جميع كتاباته نبذا للعنف ودعوة للحياة.
(3)
ويبقي السؤال لماذا تسيطر الرواية التاريخيه علي المشهد الادبي ؟ولماذا يركز الكتاب علي الروايه التاريخيه
هل هو الحنين العارم للماضي الذي تحققت فيه الممكنات والمستحيلات وفق مشيئة الكاتب , ام هو نوع من قراءة التراث واحتضانه من جديد بعد ان شهدنا قراءات فكريه تدعو وتؤسس للتراث مع الجابري واركون وحنفي وغيرهم
ام هو نتيجة لضغوط نسقيه في الثقافة العربيه التي تقوم في كثير منها علي التكرار واعادة الماضي ؟
ام هو هروب من الواقع العربي الذي يعيش مشاكل الفقر والتخلف والاستبداد والقهر والحرمان