الفلسطينيون والخيار السياسى – بقلم د . ناجي صادق شراب

فلسطين …..
بقلم : د. ناجي شراب – فلسطين المحتلة …
إنتهت الانتخابات ألأمريكية التى طال إنتظارها فلسطينيا بما تمنوا وراهنوا عليه بفوز بايدن وعودة الإدارة الديموقراطية . وخصوصا بعد قطيعه كبيره مع إدارة الرئيس ترمب التي فرضت العديد من العقوبات على السلطة بقطع ألأموال وغلق مكتب المنظمة ونقل السفارة ألأمريكية للقدس ولإعتراف بها عاصمة لإسرائيل، والضغط عربيا لقيام علاقات سلام وتطبيع مع إسرائيل ، وذلك بعد رفض الفلسطينيين صفقة القرن التي شرعت إسرائيل في تطبيقها بهدوء.وتقوم فرضية المقالة اليوم على فرضية أن السلطة الفلسطينية تدرك أهمية العلاقات مع الولايات المتحدة، ولا مبادرات سلمية بدون هذا الدور.رغم معرفتها بإنحياز دورها لإسرائيل. ولا شك ان هذه الانتخابات سيكون لها تداعياتها المباشرة على مجمل الصراع الفلسطينى الإسرائيلي.وعلى مستقبل صفقة القرن وعلى عملية السلام العربى الإسرائيلي التي قد تتسع دائرتها بشكل كبير في عهد إدارة بايدن لحاجتها لإنجاز سياسى كبير في المنطقة .وهذا الإهتمام ليس نابعا من أهمية الدور الفلسطينى وما يمكن أن يقوموا به ، بل لأهمية الدور الذى تقوم به إسرائيل كأحد أهم ثوابت السياسة ألأمريكية في المنطقة .فالتحرك السياىسى الأمريكي بقدر الإقتراب من تحقيق أمن وبقاء ومصالح إسرائيل.وهذه هي المقاربة التي على الفلسطينيين أن يعيدوا تقييم سياساتهم على أساسها ، فبايدن لا يحمل العصا السحرية ، ولن يحرر الأراضى الفلسطينية ، ولن تتم اى تسوية في عهده ، فقد سبقه العديد من الرؤساء منذ 1948 ولم يتمكنوا من فرض تسوية ما، كان يمكن تصور هذا من خلال صفقة القرن التي ستفرض تسوية كما تريدها إسرائيل، وهذا ألأمر لم يكن بحاجة لصفقة القرن.وكان الرد الفلسطيني بالتلويح بملف المصالحة وذهاب السلطة نحو حماس وليس العكس.وكانت حوارات أسطنبول وأخيرا القاهرة لتنتهى ببيان مشترك يحفظ ماء الوجة لكل فتح وحماس،وذلك في اعقاب التأكد من فوز بايدن والعوده للعلاقات والتنسيق بين السلطة وإسرائيل. أي أن العلاقات والخيارات الفلسطينية دخلت مرحلة جديده، والسؤال إلى أين ستنتهى ؟ وما هو الخيار أو الطريق السياسى الذى ينبغي ان تسلكه السلطة في هذه المرحلة الدقيقة والحرجة.؟وهل ينتظر الفلسطينيون أن يلغى بايدن كل قرارات ترمب ، وان تلغى الدول العربية معاهدات السلام مع إسرائيل؟ والسؤال بصيغة أخرى ماذا لو أستمرخيار العلاقات السلمية وأنضمت دولا عربيه أخرى مهمه كالسعودية مثلا؟وماذا لو طلب منهم أن يعودوا لطاولة المفاوضات مع إسرائيل مقابل حزمة من التجميلات الجزئية وعودة العلاقات مع الولايات المتحده وبإستئناف المساعدات المالية وفتح مكتب المنظمة وفتح مكتب للقنصلية الأمريكية في القدس الشرقية؟ماذا تعنى الإجابة على هذه التساؤلات، تعنى ان بيئة الخيارات الفلسطينية قد أختلفت وتغيرت وأبرز التغيرات إدارة أمريكية جديده، وبيئة سلام عربية إسرائيلية جديده، وإنشغال القوى ألإقليمية إيران وتركيا بالحفاظ على ما تبقى من مصالح لهما في المنطقة ، وكل الدول العربية لها مخاوف وتحديات داخلية لا تنتظر التأجيل أو ربطها بالموقف الفلسطيني.وأوروبا ألداعم ألأكبر ماليا للسلطة منشغلة بهمومها الكثيرة من لاجئيين وإرهاب ومستقبل الإتحاد ألأوروبى. وحتى الصين وروسيا منشغتلان بتثبيت دورهما عالميا والحفاظ على ما حققته كل منها من إنجازات. والسؤال ثانية كيف سيتصرف الفلسطينيون ؟وما هو طريقهم وخيارهم السياسى؟والحقيقة أن المصالحة الفلسطينية باتت ردة فعل لعوامل ومتغيرات خارجيه أكثر منها حاجة وطنيه والتي ما زالت غائبه عن اى رؤية وطنيه فلسطينية, ولا تبشر بالخير. والتفاؤل مستقبلا. وهذا يعنى ان الإنقسام هو من يفرض الأن خيارات كل من فتح وحماس.خمسة عشر عاما على ألإنتخابات الفلسطينية الثانية بفوز حماس، وبإعتقال إسرائيل لنواب حماس في الضفة ، وأنتهت بإنقلاب حماس على السلطة لتبدأ مرحلة جديده من التمكين السياسى لحماس في غزه ومنها إلى مرحلة ألإنفصال والإستقلال.ولقد أجريت العديد من لقاءات المصالحة وبرعاية عربيه ووقعت إتفاقات أهمها إتفاق مكه برعاية الملك عبدالله، وكلها ذهبت أدراج الرياح ، لماذا لأن الإنقسام بات خيارا وطنيا.او خيارا رئيسا لكل منهما ولإسرائيل ولدول عربيه أخرى ولحركة ألأخوان.وفى كل مره يرتفع سلم التوقعات بالمصالحة وألإنتخابات ، ثم سريعا ما تهوى هذه التوقعات لتسود فجوة كبيره من عدم الثقة بين القيادة والشعب، وحالة من الإحباط واليأس قد تعبر عنها بحالات من الإنتحار الفردية ، ولتتعمق حالة الإنقسام وتزيد التوجهات للعنف والتشدد والرغبة في الهجرة .كل هذه التوقعات يبدو أنها دفنت مع عودة العلاقات مع إسرائيل ، وهذا في حد ذاته ليس مبررا ، ولكنه فرصة ذهبيه بدلا من البحث عن مبررات أخرى.إنتظارا للمرسوم الرئاسي بالإنتخابات الذى لن يصدر. والأسباب كثيره غياب ثقافة المشاركة السياسية ومشاركة السلطة بينهما بدليل فشل أول حكومة وحده وطنيه بعد ألإنتخابات الثانية وإنقلاب حماس وما تبع ذلك من توتر وخلافات في العلاقات وصلت لحد التخوين والتكفير والإقصاء. ومن ألأسباب أيضا سياسة وقف القرارات على رهانات خارجية كالإنتخابات ألأمريكية ، ويبدو لى ألآن الكل ينتظرالرهان على خيار ما بعد الرئيس.وأن فوز بايدن سيحل مشاكل السلطة المالية ويحفظ لها إستمراراية البقاء.ومن ناحيتها حماس قد يكون فوز بايدن أفضل حالا وحلا لمشاكل غزه ودعما لحركة ألأخوان المسلمين.وهذه الحسابات تعنى التوافق المشترك على تأجيل المصالحة.ويبقى التساؤل دائما اى طريق وأى خيار سياسى سوف يسلكه الفلسطينيون في مرحلة تفرض خياراتها على خياراتهم. الذى يلوح في الأفق الإعتياد على العودة للخياارت القديمة للتفاوض ، والبقاء على حالة ألأمر الواقع فلسطينيا لا إنقسام ولا مصالحه حفظا لماء الوجه، واخيار الحفاظ على البقاء إنتظار لما قد يخرج من إدارة بايدن ، وإلى أين ستذهب العلاقات العربية الإسرائيلية ،وما تخبئه ألأقدار فلسطينيا.لا يملك الفلسطينيون طريقا وخيارا سياسيا يقودهم وباتوا كمن في حاجة لعصا يتكأون عليها تقودهم في ظلام سياسة المنطقة .
***
drnagishurrab@gmail.com